تخيل لو كان "حسن منهاج" سعودياً وسخر من ولي العهد؟
لو كان الكوميدي الأميركي يعيش في المملكة، لكان قد تم التجسس عليه واعتقاله وتعذيبه وربما أسوأ من ذلك.
كتبت الصحافية وصانعة الأفلام السعودية صفاء الأحمد مقالة رأي في صحيفة الغارديان البريطانية تناولت فيها حجب السعودية لمنصة "نتفليكس" الأميركية بعدما بثت حلقة للكوميدي الأميركي الساخر حسن منهاج ينتقد فيها المملكة وولي العهد محمد بن سلمان بسبب قتل الصحافي جمال خاشقجي.
وقالت الأحمد: "لقد أوضحت حكومة المملكة العربية السعودية أن مقاومة نظامها غير مجدية، وأنها لن تتسامح مع المعارضة. إنه أمر لا يمكن المساس به. فالمملكة لم تدعّي يوماً أنها ديمقراطية، وأنها تؤمن بحرية الرأي، وحق الاحتجاج، أو الحق في المساومة الجماعية من أجل الحقوق، فلا توجد صحافة مستقلة في البلاد".
وأضافت "سنّ الملك الراحل عبد الله قوانين لا تترك مجالاً للشك بهذا الموقف. وقد تابع الملك سلمان وابنه، ولي العهد محمد بن سلمان تلك السياسات والحكم بقبضة من حديد".
وتابعت الكاتبة أن قوانين مكافحة الإرهاب أُدخلت للتعامل مع مثل هذه "الجرائم" مثل إهانة سمعة الدولة، والإساءة لوحدة أو استقرار المملكة بأي وسيلة، وبذر الشقاق في المجتمع - والجريمة الأكبر هي التراجع عن بيعة الحاكم. فقد تم تصميم هذه الجرائم التي يصعب تعريفها لتمكين اعتقال أي شخص، لأي سبب من الأسباب.
وقالت الأحمد إنه "بحسب هذه القوانين، فإن الحلقة الكوميدية الساخرة من السعودية للكوميدي الأميركي حسن منهاج على منصة نيتفليكس قد اتخذت مساراً مثيراً للجدل بعد سحب عرض الحلقة بسبب تدفق شكاوى من المملكة. فلو كان منهاج مواطناً سعودياً، لكان قد تم استدعاؤه "للاستجواب"، ولتمت مصادرة جميع أجهزته الإلكترونية. ولكان كل تعليق علقه سابقاً سواء أونلاين أو سراً ضد تجاوزات ضد الدولة (حتى لو كانت قانونية في ذلك الوقت) وصوره مطبوعة في الصحف المحلية بختم أحمر عليها، ما يجعل منه خائناً وربما جاسوساً لعدو خارجي (إيران). وكان يمكن أن يتعرض للإذلال والتعذيب والاعتداء الجنسي والاختفاء."
وأردفت الصحافية قائلة: "وكان من الممكن تعبئة الجيش الإلكتروني السعودي لمضايقة أي شخص تجرأ على الدفاع عنه. كانوا يسبنونه وعائلته. وقد يتهم قذفه وعائلته واتهام أمه بالتجسس، كعاهرة من اليسار الليبرالي. ولكانت تمت السخرية من خلفيته العرقية وكيف أنه لم يكن سعودياً حقاً، وسوف يتم التخيّل على أفضل وجه كيف يجب أو تجب أن يموت أو تموت. وكانت عائلته ستقضي أسابيع في محاولة العثور عليه في متاهة نظام السجون السعودي. وبعد أشهر من الإنكار والصمت المطبق ، كانت والدته ستبكي وستتسول السلطات لسماع صوته، لتعرف إن كان على قيد الحياة، وستتمكن عائلته أخيراً من رؤيته. وكان سيتعرض للعنف والضرب والكدمات.. وكان يتساءل عما إذا كان العمل لصالح نتفليكس كان Netflix يستحق ذلك الألم الذي جلبه لعائلته. يا له من ثمن باهظ لبعض النكات".
وأضافت: "وإذا خرج من السجن على قيد الحياة، قد يمكنه الحصول على جائزة "الشجاعة". وسيتعين على نتفليكس التصريح بأنها يجب عليها أن تحترم القوانين المحلية إذا كانت تريد القيام بأعمال تجارية حول العالم. وسيكتشف حسن منهاج بأنه قابل للاستهلاك. وسوف يسعد أصدقاؤه في داخل البلاد بأن يرسلوا إلى بعضهم البعض رسائل (على تطبيق آمن) للإطمئنان عليه. ثم يساءلون: ما هي آخر الأخبار؟ ماذا يجب أن نفعل؟ هل نتحدث ونتعرض لمخاطر الاعتقال كذلك؟ سيغمرهم الشعور بالذنب. سيشعرون أنهم سحقوا. ستكون لديهم كوابيس بعد أخبار تعذيبه ومحاولته الانتحار. لكنهم سيتساءلون بهدوء كيف ساءت الأمور، ويخططون لهربهم من المملكة. من لديه جواز سفر ثاني؟ أين يمكننا التقدم بطلب اللجوء؟ ما البلد الذي يأخذ أكثر السعوديين؟ كندا؟ ألمانيا؟".
وتساءلت الكاتبة: "ألم تخبرنا وسائل الإعلام الغربية بأن المملكة العربية السعودية الجديدة كانت في الأفق؟ وأنه سيتم منحنا المزيد من الحريات للشباب؟ ماذا نحن المستقبل والأمير محمد كان جيلنا الثوري والمنقذ؟
أتعتقدون أن ذلك كثيراً؟ لم يكن منهاج ليعامل هكذا؟ إسأل جمال خاشقجي. صحيح، لا يمكنك ذلك. لقد مات أو بتعبير أدق، لقد تم تمزيقه.
إسألوا هتون الفاسي، لجين الهذلول، نسيمة السادة، رائف بدوي، سمر بدوي، وليد أبو الخير، عصام الزامل وآلاف آخرين لا يزالون يرزحون في السجن اليوم. اسألوا اليمن. وتوقفوا عن مطالبة نتفليكس Netflix بالقيام بما فشلت حكوماتكم في القيام به".
وكان المعلّق السياسي والناقد الهزلي الأميركي حسن منهاج قد استهجن الأربعاء استجابة نتفليكس لطلب السلطات السعودية سحب إحدى حلقات برنامجه الساخر من باقة برامجها المعروضة في السعودية لأنّه انتقد فيها الرياض.
وبحسب منصّة نتفليكس فقد اعترضت المملكة على حلقة من برنامج "باتريوت آكت" الذي يقدّمه منهاج (33 عاماً) الهندي الأصل المولود في الولايات المتحدة لأبوين مسلمين، لأنّه حمل فيها على الرياض في قضية قتل جمال خاشقجي. وأوضحت المنصّة أنّها قررت حجب الحلقة بعدما تلقّت من سلطات المملكة "طلبا قانونياً طبق الأصول، وامتثالاً منّا للقوانين المحلية".
وسخر منهاج من طلب المملكة من نتفليكس حجب حلقته في الوقت الذي كان لا يزال ممكناً لأيّ كان في السعودية والعالم أجمع مشاهدتها على موقع يوتيوب.
وفي الحلقة التي أثارت غضب المملكة ينتقد منهاج بالخصوص ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما ينتقد الحملة العسكرية التي تقودها الرياض في اليمن.
ومشاهدة الحلقة متاحة على يوتيوب منذ تشرين الأول/أكتوبر بما في ذلك من داخل المملكة.
وبحسب بيانات موقع "سوشال بليد" فإنّ صفحة برنامج "باتريوت آكت" على يوتيوب تمّت زيارتها منذ تشرين الأول/أكتوبر 9,1 مليون مرة بينها 200 ألف مرة خلال نهار الأربعاء لوحده.
وفي تغريدة على تويتر دعا منهاج إلى إيلاء الأهمية للأزمة الإنسانية في اليمن، وقال "دعونا لا ننسى أنّ أكبر أزمة إنسانية في العالم تحدث حالياً في اليمن"، داعياً إلى تقديم تبرّعات إلى "لجنة الإنقاذ الدولية"، المنظمة الإنسانية التي تقدّم مساعدات للمنكوبين في البلد الغارق في الحرب.
ومنهاج من الهزليين المعروفين في الولايات المتحدة وبدأ بث برنامجه الجديد "باتريوت آكت" في تشرين الأول/أكتوبر 2018.