هآرتس: هل سمعتم عن الصواريخ فوق الصوتية؟
يكثر الحديث عن الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة الهجومية، بينما تشكّل الصواريخ فوق الصوتية التي تزيد سرعتها عن سرعة الصوت بعدّة أضعاف تهديداً جديداً في المنطقة لا يتم الحديث عنه.
-
هل سمعتم عن الصواريخ فوق الصوتية؟
التهديد الذي يكثُر الحديث عنه في هذه الأيام، هو تهديد الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة الهجومية التي تحلّق على ارتفاعٍ منخفض. أمّا التهديد الذي لا يجري الحديث عنه في السياق الإقليمي فهو تهديد الصواريخ فوق الصوتية التي تزيد سرعتها عن سرعة الصوت بعدّة أضعاف.
تختلف الصواريخ فوق الصوتية عن البالستية في كون مسارها منذ الإطلاق وحتى الإصابة غير متوقعة مسبقاً، وعند اقترابها من الهدف يمكنها القيام بمناورات تملّص وتغيير المسار بسرعة. ومنظومات الدفاع القائمة غير فعالة ضدّ هذه الصواريخ إذ تصل سرعتها إلى 5 أضعاف سرعة الصوت.
الدولتان الرائدتان في تطوير هذا السلاح الإستراتيجي هما الصين وروسيا، أمّا الولايات المتحدة فتستثمر الملايين في تطوير سلاح مشابه ولم تستكمل تطوريره حتى الآن، ففي عالم التسلّح المتطور الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت هي الأمر القادم. كلّ نظام سلاحٍ جديد تمّ تطويره في روسيا والصين يمكن أن يصل إلى أيدي أعداء "إسرائيل" على رأسهم إيران.
رئيس وكالة الإستخبارات العسكرية في الولايات المتحدة الجنرال روبرت آشلي قال في مارس/آذار 2018 إن "إيران تسعى لحيازة صواريخ كروز بعيدة المدى ودقيقة، وتقوم أيضاً بتطوير أنظمة شديدة القوة تطلق من الفضاء - مسرّعات قادرة على الوصول لمدى الصواريخ العابرة للقارات، في حال تمت مواءمتها لهذه المهمة".
في الماضي طوّرت "إسرائيل" بنفسها أنظمة دفاع ضدّ الصواريخ، مثل "حيتس" و"القبة الحديدية" و"العصا السحرية"، لكنّ الصناعات الأميركية انضمت فقط بعد أن أصبح التطوير الإسرائيلي عملياً ووقفنا على أرجلنا، والآن عندما يتم عرض أنظمة إسرائيلية - أميركية "مشتركة" فإنهم يعلمون من هو الجانب الذي قدّم العقل ومن الذي قدّم المال.
يجب على "إسرائيل" أن تطور بنفسها نظام الدفاع ضدّ الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وفي حال لم تفعل ذلك، يمكن حدوث أمرين: إما أن نكون من دون دفاع أو نكون معتمدين على إحسان الأجانب.
الصناعات الأمنية الإسرائيلية قادرة على قيادة هذا التطوير، لكن السؤال: من سيموّل؟
هناك إمكانيتان: أن يتم التطوير من ميزانية الأمن الإسرائيلي أو أن تنضم الصناعات الأميركية إلى المشروع الإسرائيلي. العيب في الخيار الثاني هو أنه سيكون هناك فيتو أمريكي دائم على تصدير النظام وفي الأساس للدول الصديقة للولايات المتحدة. وسيكون من الصعب علينا تمويل التطوير إذا لم نصدّر النظام في المستقبل، فيجب علينا التذكر أن منظومات "حيتس" و"القبة الحديدية" لم تُصدّر حتى الآن بسبب معارضة أميركا خوفاً من المنافسة لمنتجاتها.
منظومة "العصا السحرية" من إنتاج (سلطة تطوير الوسائل القتالية) "رفائيل" بيعت لبولندا تحت غطاء نظام "سكاي سبتور" لشركة "رايثون" الأميركية، لكن كل العناصر المتطورة في هذه المنظومة هي إسرائيلية.
يمكن تطوير هذا النظام الدفاعي كمشروع مشترك بين "إسرائيل" وبين الإمارات والسعودية، هما تقدمان التمويل وتحصلان على جزءٍ من الإنتاج، لكنّ تعاوناً كهذا مستحيل من دون تقدم إلى حلّ الدولتين؛ وهذا كما هو معلوم بعيدٌ الآن، في ظل غياب شجاعة سياسية للتوصل إليه.
إذن، الطريق المختارة هي أن نطوّر بأنفسنا، وإذا أرادت الصناعات الأميركية الإنضمام في مرحلة متقدمة من التطوير، فسوف نكون مُلزمين بالحفاظ على حق تصدير النظام لدول مُهدَّدة وصديقة لنا. بعد الأحداث الأخيرة في المنطقة، ليس هناك عِبرة أوضح من أن شعوباً صغيرةً عليها أن تعتمد على نفسها فقط.