يديعوت أحرونوت: "إسرائيل" حوّلت حزب الله إلى وحش شديد التهديد لها

صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تنشر مقالاً تحث فيه "إسرائيل" على التفكير بمسارٍ جديد ضدّ حزب الله، وتتحدث عن الإخفاق الذي ارتكبته "إسرائيل" في العقد المنصرم.

  • يديعوت أحرونوت: "إسرائيل" حوّلت حزب الله إلى وحش شديد التهديد لها
    يديعوت أحرونوت: "إسرائيل" حوّلا حزب الله إلى وحش شديد التهديد لها

في الجيش الإسرائيلي يفهمون أنه يجب الاستعداد لمعركة واسعة في الشمال، ومن أجل ذلك يريدون شراء هدوء في الجنوب. الترتيبات مع حماس تهدف لتمكين الجيش الإسرائيلي من الاستعداد لذلك كما يجب. ينعقد اليوم المجلس الوزاري المصغر مرة أخرى لمواصلة التباحث في ترتيبات مع غزة.

عملياً، الحديث عن نوع من اتفاق تهدئة غير مكتوب يهدف لتوفير هدوء للجيش الإسرائيلي في الجبهة الجنوبية من أجل تمكينه من الاستعداد للتهديدات المهمة في الشمال: ضدّ إيران في سوريا، وربما حتى إمكانية توسيع المواجهة إلى حزب الله في لبنان. دعم قيادة الجيش الإسرائيلي لهذه التهدئة مع حماس يجب النظر إليها من هذه الناحية فقط. من المفترض بهذا الهدوء أن يكون نوعاً من تسوية صغيرة تعيدنا تقريباً إلى الأيام التي تلّت حرب "الجرف الصلب" وقبل بدء مسيرات العودة في مارس/آذار 2018. فترة الهدوء هذه غايتها ليست حل المشاكل الأساسية لغزة، والفجوتان المركزيتان ستبقيان: تعاظم حماس وكذلك قضية الأسرى والمفقودين. التسهيلات للسكان من المفترض أن تشتري هدوءاً وتوجيه الاهتمام المطلوب إلى الاستعدادات للجبهة الشمالية التي تتطور.

رئيس الأركان أفيف كوخافي تحدّث في الأسبوع الماضي عن إمكانية مواجهة مع إيران وعن استعدادٍ للمجازفة إلى حد حربٍ مع حزب الله، في محاولة لمنع تسلّحه بصواريخ دقيقة. لكن من الواضح من الآن ان الجيش ودولة إسرائيل لن يستطيعا التملص من معالجة الإرهاب القادم من غزة. حتى لو جلبت التسهيلات الإنسانية هدوءاً، حماس لن تصبح حركة أنشطة شبابية.

أضف انه يجب الأخذ بالحسبان انه حتى تهدئة كهذه، إذا خرجت إلى حيز التنفيذ، لا تضمن هدوءاً في حال فُتحت جبهة شمالية. العكس، من الممكن الافتراض ان إيران ستنجح في تفعيل الجهاد الإسلامي في غزة على الأقل، بالتوازي في الجنوب أيضاً، وهكذا الطريق إلى تدهور في هذه الجبهة أيضاً قصيرة جداً. كل صنّاع القرار في دولة إسرائيل، من رئيس الحكومة ومروراً بأعضاء المجلس الوزاري المصغر ووزير الأمن الجديد نفتالي بينيت، يُدركون التحديات التي للجيش في مجال الدفاع الجوي. معضلة رئيس الأركان في هذا الشأن واضحة جداً: هل نعوّم الموضوع، وبذلك إنتاج ضغطٍ جماهيري – ضمن ثمنٍ باهظ مكشوف للعدو.

فيما خص مواءمة التوقعات مع المواطنين في كل ما يتعلق بمعركة في الشمال، الجيش قد بدأ بالخطوة لكن لا زال من الواضح للجميع في هيئة الأركان أن غالبية المواطنين ليسوا مُدركين لشدة الضربة التي ستتلقاها الجبهة الداخلية. في الجيش يحاولون بحث الجهوزية فقط في غرفٍ مغلقة، على سبيل المثال في اجتماعات مع وزير المالية موشِه كحلون في المجلس الوزاري المصغر، وبداهةً مع نتنياهو. قائد سلاح الجو، اللواء عميكام نوركين، ألقى كلمة أمس في مؤتمر "كالكاليست" [تحت عنوان "توقعات 2020"] وتطرّق إلى أداءٍ استثنائي في الساحات البعيدة. إنها بالفعل جديرة بالإشارة.

لكن في أيام انصرام عقد، من المناسب الإشارة إلى الإخفاق الذي لا يُعقَل في تحوّل حزب الله إلى وحشٍ مُهددٍ جداً لإسرائيل، بحوزته 150 ألف قذيفة صاروخية. إنه رقم غير مسبوق لمنظمة "إرهابية" يمكنها إطلاق حوالي 1500 قذيفة صاروخية في اليوم وربما أكثر. يمكن أن يتسبب بخرابٍ كثير، بل وحتى احتلال مستوطنات بسهولة.

نوركين قال في المؤتمر: "في الزمن الحالي نحن في فترة تغيير عميق جداً. فترة تبدأ بتغيير كوني في السياق الأمني، مع توتر متزايد في أماكن كثيرة في العالم، مع ازدياد ميزانيات الأمن في عددٍ كبيرٍ من الدول وتنبع أساساً من الإرهاب الذي ميّز السنوات الأخيرة، وهذا ينعكس ويؤثر على الجيش الإسرائيلي". قائد سلاح الجو أشار إلى ما يمكن أن يساعد برأيه الجيش الإسرائيلي في الانتصار في المعركة القادمة: "مفتاح نجاحنا هو التفوق الجوي. إنه المفتاح لاستقرارٍ إقليمي. علينا بواسطته إظهار قوة، الردع، استهداف دقيق، الدفاع من قذائف صاروخية وتمكين الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه".

صحيح، الضربة التي سيُنزلها الجيش الإسرائيلي بحزب الله في لبنان ستكون هائلة، لكن هذا لن يغيّر حقيقةً صورة الانتصار. في مستهل عقدٍ جديد، على إسرائيل التفكير بمسارٍ جديد ضد حزب الله وسريعاً، كذلك في الأعتدة وفي الجهوزية. في نهاية المطاف، ترميم الاقتصاد من الخراب الكبير بعد حربٍ كهذه سيكون أكلف بعشرات المرات من الأموال المطلوبة الآن. اللواء احتياط عاموس يادلين يتحدث مؤخراً عن ضربة وقائية استباقية تُزيل بصورة مهمة جزءاً لا بأس به من قدرات العدو. إنه موضوع ينبغي ويجب على القادة بحثه في الغرف المغلقة، وبلورة سياسة واضحة حوله. آخرون يعتقدون انه ليس أكيداً انه من الصحيح استهداف دولة لبنان في الحرب القادمة لأنه لن يكون هناك من يُدار "اليوم التالي" معه، والخشية هي ان هذا الفراغ أيضاً سيدخل إليه الإيرانيون.

سويةً مع هذا، من المهم الإشارة إلى ان الأحداث الداخلية في لبنان لا تُبقي لحزب الله الكثير من الاهتمام والرغبة في الدخول في معركة مع "إسرائيل" تحديداً في هذه الفترة، وهذه نقطة ضوء من ناحيتنا. المشكلة المركزية هي ان "إسرائيل" موجودة في أزمة سياسية خطيرة منذ سنة، وليس هناك عناية بهذه المواضيع. دورنا الطلب من كل الأحزاب أن تستفيق من كبوتها في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة، وعدم التعويل مرة أخرى على آلهة الحظ التي تسببت بأن تُخطئ الصواريخ المضادة للدروع الآلية العسكرية في أفيفيم في الأول من سبتمبر/أيلول، وهو حدث كان من الممكن أن يجرّنا إلى حرب.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرنوت.