جيروزاليم بوست: تفشي كورونا هل يوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وغزة؟
تقول صحيفة "جيروزاليم بوست" إنه إذا كان هناك أي إيجابيات من تفشي وباء كورونا، فهو أن طرفين متحاربين يواجهان نفس العدو القاتل غير المرئي"، وتشير إلى إلى أن كورونا عزز التنسيق بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، ويمكن أن يكون سبباً للعمل نحو اتفاق لوقف إطلاق النار مع "حماس".
-
"جيروزاليم بوست": لو تعرض قطاع غزة لتفشٍ كاملٍ للكورونا لن تستطيع "إسرائيل" التنصل من مسؤوليتها
كتبت آنا أهرونهايم في صحيفة "جيروزاليم بوست" مقالاً تتناول فيه تأثير تفشي فيروس "كورونا" على "حالة الحرب" بين "إسرائيل" وقطاع غزة. وإليكم ترجمة المقال:
مرة أخرى، "إسرائيل" وقطاع غزة في حالة حرب. لكن هذه المرة العدو ليس في شكل صواريخ أو غارات جوية بل هو عدو غير مرئي. عدو تسلل إلى كل بلد في جميع أنحاء العالم، أعمى عن الدين والجنسية، وقتل الآلاف.
كان هناك جزء ضئيل من الأمل مع قطاع غزة الذي تديره حركة حماس، حيث لم تكن هناك حالات في الجيب الساحلي المحاصر ... إلى أن عاد رجلين من باكستان عبر مصر.
قبل هذا، كانت هناك نكات تدور في غزة مفادها أن الفيروس كان خائفاً للغاية من دخول القطاع وأن الجيب المحاصر قد يكون "المكان الأكثر أماناً في العالم".
النكات تحولت إلى خوف حقيقي!
شوارع غزة، وهي واحدة من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم، هادئة بشكل مخيف. باستثناء محاولة شراء الطعام، تقيم العائلات بأكملها في المنزل.
منظمة الصحة العالمية حذّرت من أن نظام الرعاية الصحية في غزة لن يتمكن من التعامل مع تفشي المرض القاتل في الجيب الساحلي الذي يعيش فيه ما يقرب من مليوني شخص.
سيطرت "حماس" على القطاع الساحلي البالغ طوله 25 ميلاً في عام 2007، وقد أدى الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" إلى خفض حاد في إمدادات الوقود والكهرباء والإمدادات الطبية، مما يجعل من المشكوك فيه أن البنية التحتية الطبية ستكون قادرة على مواجهة مثل هذه الأزمة.
البنية التحتية الضعيفة للرعاية الصحية في القطاع، مع أقل من 3000 سرير إجمالاً، غير قادرة على تحمل مسؤولية رعاية المرضى. كما قيّدت "إسرائيل" لسنوات واردات المواد ذات الاستخدام المزدوج التي تحتاجها المستشفيات، بما فيها المعدات اللازمة للحفاظ على المياه والصرف الصحي.
بالإضافة إلى قلة الأسرّة، ناهيك عن أجهزة التنفس الاصطناعي، فإن أقل من نصف الأدوية الطبية المطلوبة للسكان كانت متوفرة في غزة في بداية عام 2020.
منظمة الصحة العالمية ذكرت الأحد الماضي أن المنظمة تدعم إنشاء مستشفى ميداني على معبر رفح مع 38 سريراً و6 أسرّة للعناية المركزة و 30 سريراً للمرضى في حالة متوسطة. وسيتم إنشاء 50 غرفة أخرى كمنطقة للحجر الصحي للمسافرين. كما سيتم تخصيص مستشفى غزة الأوروبي لاستيعاب ومعالجة الحالات الإضافية إذا وصلت المستشفى الميداني إلى طاقتها الكاملة.
ولكن من المحتمل ألا يكون هذا قريباً بما يكفي حتى لو تعرضت غزة لتفشٍ كاملٍ للكورونا. ولن تستطيع "إسرائيل" التنصل من مسؤوليتها.
منسّق الأنشطة الحكومية السابق في المناطق (الفلسطينية المحتلة) إيتان دانغوت، قال من جهته إن حركة حماس "يجب أن تضع إرهابها جانباً" وأن تركز على حماية ورعاية سكانها.
وقال دانغوت "لا يمكن إلقاء اللوم على إسرائيل.. لأنها تعاني بالفعل من هذا الفيروس. حان الوقت كي تنظر حماس إلى الداخل وتدعم سكانها". وأضاف أنه "إذا اتخذت حماس خطوات قليلة تجاه إسرائيل، مثل إعادة الجثث، فإن مثل هذه الخطوات يمكن أن تخفف التوتر ويمكن أن تبني الثقة بين العدوين".
وتابع: "بمجرد أن تتخذ حماس هذه الخطوة، يمكن فتح معبر آخر مع قطاع غزة للسماح بدخول المزيد من السلع الإنسانية إلى القطاع الساحلي المحاصر".
وقال دانغوت، إنه بينما يوجد تبادل للمعلومات والتعاون المهني بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الإسرائيليين والفلسطينيين من الضفة الغربية، "نحن لا نفعل ذلك في غزة".
وأضاف بينما تمّ التأكد من إصابة شخصين بالفيروس حتى الآن، فإن سرعة انتشار الفيروس "ستكون مشكلة كبيرة في غزة"، محذراً من أن تفشي الفيروس "يمكن أن يسبب أيضاً انفجاراً داخلياً يمكن أن يؤثر على الوضع الأمني مع إسرائيل".
مسؤول كبير في وزارة الصحة الفلسطينية قال لـ "إسرائيل اليوم" إن "هناك مخاوف كبيرة من أنه إذا انتشر الفيروس في غزة وانهار نظام الرعاية الصحية الهش أصلاً، فإن آلاف الفلسطينيين سيحاولون الوصول إلى الحدود الإسرائيلية".
وأشار إلى أن هذا السيناريو سيكون بمثابة كابوس لقوات الأمن الإسرائيلية "التي أُمرت بمنع أي فلسطيني من التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية".. لا توجد طريقة لتدوير لقطات لقوات الجيش الإسرائيلي وهي تطلق النار على الفلسطينيين الذين يسعون للحصول على رعاية طبية لمساعدتهم في الحرب العالمية ضد فيروس كورونا.. وإذا دخلوا، هل سينقلون الفيروس إلى القوات التي لن تكون قادرة على فحص كل شخص بحثاً عن الفيروس؟ ماذا بعد؟ وضع كل تلك القوات في الحجر الصحي؟ كيف سيستمر الجيش في حماية حدود إسرائيل إذا كان مئات الجنود محجورين أو مصابين بالفيروس؟
"إسرائيل" و"حماس" تعملان في الأشهر الأخيرة من أجل التوصل إلى ترتيب طويل الأمد لوقف إطلاق النار، ومنذ ظهور الفيروس حدث انخفاض كبير في الهجمات من القطاع، سواء كانت بالونات حارقة أو محاولات تسلل مسلحة.
إذا كان هناك أي إيجابيات يمكن العثور عليها في هذا الوباء العالمي، فهو أن طرفين متحاربين يواجهان نفس العدو القاتل غير المرئي. الحرب ضد فيروس كورونا عززت التنسيق بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ويمكن أن تكون سبباً للعمل نحو اتفاق لوقف إطلاق النار مع "حماس" في قطاع غزة.
كل الأطراف بحاجة إلى بعضها البعض في هذه المعركة، حتى الأعداء المحلّفون.