ضباط في الجيش الإسرائيلي لـ"هآرتس": إدارة جنرالات سابقين لأزمة كورونا ستؤدي إلى ضرر بعيد المدى
مصدر كبير سابق في الجهاز الأمني، يؤكد لصحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة، أنّه "يجب فصل السلطات المحلية عن الارتهان لإدارة وأخذ القرارات من الجبهة الداخلية ووزارة الأمن".
ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي يتحدثون إلى صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة، منتقدين بشدة تعيين رؤساء سلطات محليّة عدداتً من الضباط السابقين لإدارة أزمة كورونا، باعتبار أنّهم يعملون دون تنسيقٍ، وأحياناً بخلاف رؤية الجبهة الداخلية في حالات طوارئ. وفيما يلي نص المقال:
مشاركة الجيش الإسرائيلي في إدارة أزمة كورونا (كوفيد-19) تتجلى بوجهٍ خاص في تقديم عناصر الجبهة الداخلية مساعدة لوجستيّة للمستوطنات التي فيها إصابات مرتفعة بالمرض. بيد أن تفشّي الوباء في هذه المستوطنات، وغالبيتها ذات طابع حريدي، دفع مؤخراً عدة رؤساء سلطات محليّة إلى تعيين عدداً من الضباط الكبار السابقين لإدارة الأزمة، على أمل أن يساعدوهم في منع تفشٍّ أوسع للوباء.
لكن، ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي تحدثوا مع "هآرتس" ينتقدون الوضع بشدة ويزعمون أنّ أولئك الضباط "يعملون دون تنسيقٍ مع الجيش، وأحياناً بخلاف رؤية الجبهة الداخلية في حالات طوارئ، وفي الأساس يقدّمون مشهداً زائفاً أمام رؤساء السلطات، وبذلك يُضعفونهم ويمكن أن يُلحقوا الضرر بأدائهم لاحقاً".
التفشّي غير العادي لكورونا في مدينة "بني براك" المكتظة، دفع في نهاية الشهر الماضي رئيس بلدية المدينة، إبراهام روبنشتاين، إلى تعيين اللواء إحتياط روني نوما لإدارة الأزمة في المدينة. وضمّ نوما إليه عدة ضباط كبار سابقين.
من حينها خشيت الجبهة الداخلية من أن نقل الإدارة إلى جهاتٍ خارجية يمكن أن يُلحق الضرر بقدرة السلطة المحلية على أداء وظيفتها لمدة طويلة، وكذلك رفع المسؤولية عن جهاتها الوظيفية على أمل أن يكون الجنرالات هم الذين يُخرجون المدينة من الأزمة. مع هذا، تفهّموا في المؤسسة الأمنية دخول نوما إلى المدينة انطلاقاً من الفهم بأن حالة "بني براك" استثنائية.
بيد أن تعيين نوما لم يكن الوحيد. مسؤولون في المؤسسة الأمنية عملوا في السنوات الأخيرة في الاستعدادات لطوارئ، فوجئوا باكتشافهم خلال وقتٍ قصير تبنّي رؤساء سلطات محلية آخرين لخطوة روبنشتاين. رئيس بلدية "بيتار عيليت"، مئير روبنشتاين، طلب من وزير الداخلية آريه درعي، تعيين اللواء احتياط يوسي بخار لإدارة الأزمة في المدينة. وبموازاته، عُيّن العميد احتياط غال هيرش لمكافحة تفشّي الوباء في "إلعاد".
ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قال لـ"هآرتس" إنّ "قرار جلب عسكريين سابقين لإدارة السلطات المحلية هو قرار خاطئ، وبالتأكيد على المدى البعيد. غال هيرش ويوسي بخار لا يملكان أيّ تجربة سابقة في إدارة أزمات في السلطات المحلية، وهما لا يعرفان اللغة بين الجهات، وهما يُضعفان مكانة وقوة رئيس السلطة المحلية، والأسوأ: في بعض الحالات يُجريان مقابلاتٍ إعلامية ويوجّهان رسائل على الشبكات الاجتماعية لا تقف من ورائها أي جهة رسمية، وكلامهما يصبح خطة عمل من دون أن يناقشها أحد".
جهات رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية لم تشعر بارتياح تجاه الكلام الذي قاله نوما نفسه في مقابلة مع الصحفي يوآف ليمور في "إسرائيل اليوم" مع تولّيه وظيفته، حيث قال: "نحن نحاول الآن بناء منظومة تمنحنا صورة أفضل عما يجري في المدينة لناحية الوضع الصحي واللوجستي والرفاه. كجزءٍ من هذا، تمّ توجيه جهات الجبهة الداخلية وعناصر استخبارات الفرقة 88 لبناء صورة استخبارية دقيقة عما يجري في المدينة"، في حين أن الهدف حسب قوله "هو معرفة ما الذي يجري في كل شقة في بني براك".
المصادر أشارت إلى أنّه "ليس هناك أيّ أساس لكلامه ولم تدعمه توجيهات المستوى السياسي والأمني الأرفع مستوى".
كذلك غال هيرش انبرى بتصريحٍ لا أساس له عندما قال: "الوضع يشبه كثيراً الحرب. أنا معتاد على رؤية بياض عين العدو"، مشدداً على أنّه "على اتصال بالجبهة الداخلية ووزارة الصحة ونجمة دافيد الحمراء وجهات الطوارئ والوزارات من أجل مساعدة من يحتاج مساعدة"، وسجّل في حسابه عدة أعمال مثل إقامة مساحة فحص ونقل مرضى إلى فنادق.
لكن في الجيش الإسرائيلي يزعمون أن ليس هذا هو الوضع. حسب قول مصادر عسكرية، عدا عن حقيقة أنه لم يكن هناك أيّ تنسيق مع هيرش وأمثاله، في المؤسسة الأمنية لا يرون أيّ التزام للعمل وفق توجيهاتهم ويزعمون أنهم يثيرون توقعات في السلطات المحلية لا تصمد أمام اختبار الواقع.
وتوضح المصادر الرفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية أن توقّع رؤساء السلطات المحلية بأنّ الضباط السابقين سيحلّون المشاكل كعصا سحريّة ليس واقعياً. وقال مصدر أمني كبير: "رؤساء السلطات المحلية فهموا أن دخول مسؤول سابق من المؤسسة الأمنية سيفتح لهم أبواب الجيش الإسرائيلي ووزارة الأمن أو وزارات أخرى من أجل الإحسان لسكانهم، لكن الأمر لم يكن كذلك وليس هناك أيّ نية للبدء به الآن".
ويعتقدون في الجيش الإسرائيلي عموماً، وفي الجبهة الداخلية على وجه الخصوص، أن الضرر المستقبلي لهذه التعيينات يمكن أن يفوق الجدوى، وبالتأكيد في الأماكن التي تتطلب خبرة متخصصة في إدارة أزمة طوارئ.
وقال المصدر: "في بعض الحالات، يقف ضباط كبار سابقين مع انطباع بأنهم ممثلون للمؤسسة الأمنية وهي التي أرسلتهم، في حين أنهم يعملون بصورة مستقلة من دون أيّ التزام بمعالجة أزمة على المستوى الوطني".
ضابط كبير في الجبهة الداخلية تحدث عن أنّ المشكلة الأساسية هي "غياب جهة تُدير الأزمة على المستوى الوطني وتحتها تعمل بصورة منتظمة كل الوزارات والسلطات المحلية".
وبحسب زعمه، الوضع الحالي، الذي يُدعى فيه كل مسؤولٍ سابق لإدارة أزمة في إحدى المدن، ويُنتج ضغطاً إعلامياً ويفعّل علاقات شخصية كي يقدّم مساعدة للمدينة التي يعمل فيها، "يؤدي إلى الإعلان عن عدم المسؤولية ويُلحق الضرر بالرؤية الوطنية الواسعة".
مصدر كبير سابق في المؤسسة الأمنية، وكان حتى المدة الأخيرة جزءاً من جهاز الطوارئ، أشار إلى أنّه "لا يمكن جلب لواء أو عميد والقول له أن يُدير مدينة من دون فهم نطاق مسؤوليته وصلاحياته، وما هي مؤهلاته ومن الذي يرسم له حدود قطاعه. هذا الحدث قد يستمر سنة وأكثر، وكذلك في السنة القادمة سيكون هناك كورونا".
المصدر أكد أنّه "يجب فصل السلطات المحلية عن الارتهان لإدارة وأخذ القرارات من الجبهة الداخلية ووزارة الأمن. فقط الطريقة التي ستعمل فيها السلطات المحلية ستحدد كيف ستخرج إسرائيل من هذه الأزمة في المجال المدني، وليس أي ضابط سابق بقيت له علاقات مع هذا الضابط أو ذاك".