2016: سوريا والبقية

سنة 2016، التي تنتهي بعد يومين، امتازت بحدوث تحولات كبيرة في الشرق الأوسط، والتي سنرى نتائجها في السنة القادمة أيضاً. فقد أدى القرار الإستراتيجي الذي اتخذته روسيا بالتدخل في الحرب ضد المعارضة السورية إلى انتصار التحالف المؤيد للأسد في مدينة حلب... وترمز سنة 2016 إلى بداية نهاية الدولة الإسلامية.

صورة أرشيف- مدينة حلب
سنة 2016، التي تنتهي بعد يومين، امتازت بحدوث تحولات كبيرة في الشرق الأوسط، والتي سنرى نتائجها في السنة القادمة أيضاً. فقد أدى القرار الإستراتيجي الذي اتخذته روسيا بالتدخل في الحرب ضد المعارضة السورية إلى انتصار التحالف المؤيد للأسد في مدينة حلب. وهذا النصر يضمن بقاء الأسد، وكذلك احتمال عودته والسيطرة على أجزاء أخرى في الدولة. وتقوم روسيا بنسج علاقاتها في المنطقة مع دول أخرى، وفي مقدمتها مصر، وهي قد تحولت في ضوء ضعف إدارة أوباما إلى العامل الرئيسي الذي يرسم مستقبل الشرق الأوسط.

ترمز سنة 2016، حسب تقديري، إلى بداية نهاية الدولة الإسلامية. فقد خسر داعش في العراق أجزاء كبيرة من المناطق التي كانت تحت سيطرته، في الوقت الذي لا يزال يخوض فيه معركة ضارية حول مركزه الأهم في مدينة الموصل. وفي سوريا أيضاً تعرضت الدولة الإسلامية إلى العديد من الهزائم على يد القوات الكردية وقوى المعارضة السورية المدعومة من قبل القوات التركية، وهي تستعد للمعركة الحاسمة على مدينة الرقة، عاصمة الخلافة.

 

وفي تركيا نجح الرئيس أردوغان في إحباط محاولة الانقلاب العسكري، الذي عمل في أعقابه بحزم للقضاء على كل بؤر المعارضة في بلاده، ولترسيخ موقعه بوصفه الحاكم المطلق للدولة. وتقوم تركيا بترسيخ موقعها في الشرق الأوسط كأحد أهم مراكز القوة، وتشارك القوات التركية في الحرب في كل من سوريا والعراق. كما أن تركيا قد أقامت، للمرة الأولى، قواعد عسكرية لها خارج حدودها، في قطر والصومال. كما تواصل تركيا دعم حركة الأخوان المسلمين، وبخاصة في مصر وفي حماس، ولهذا السبب نجدها في مواجهة حادة مع نظام السيسي.

 

وستُذكر سنة 2016 بوصفها إحدى السنوات الناجحة في تاريخ الجمهورية الإسلامية. ففي أعقاب الاتفاق النووي خرجت إيران من عزلتها الاقتصادية والسياسية، في الوقت الذي يحقق فيه حلفاؤها في كل من العراق وسوريا النجاحات التي تخدم مصالحها هي. كما تخوض إيران معركة ضد المملكة العربية السعودية في اليمن بواسطة المتمردين الحوثيين المدعومين منها. ومن شأن النجاح على هذه الساحة أن يمنح إيران السيطرة على مضيق باب المندب الإستراتيجي. وبسبب كل هذه الأمور مجتمعة، فإن إيران أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية.

 

أما المعسكر السني المعتدل، بقيادة السعودية ومصر، فهو داخل في مواجهة شرسة سواء كان ذلك ضد طموحات الهيمنة الإقليمية الإيرانية أو ضد التنظيمات الإرهابية داعش والقاعدة. وكانت قد ظهرت في بداية السنة ملامح تطور تحالف إستراتيجي بين مصر والمملكة العربية السعودية، إلا أنه مع شهر تشرين الأول / أكتوبر ظهرت أزمة بين الدولتين وذلك على خلفية تأييد مصر للنهج الروسي في الحرب في سوريا، والذي يتعارض مع الموقف السعودي المُطالب برحيل الأسد. وكنتيجة لهذه الأزمة ضعف المحور السني المعتدل، إلى درجة كبيرة.

وتشعر المملكة العربية السعودية ودول الخليج بأن إدارة أوباما قد تخلت عنها في المواجهة ضد إيران، وأنه ليس بإمكانها الاعتماد على المظلة الأمنية التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد وفرتها لها في الماضي. ويجب أن نضيف إلى المشاكل التي يعاني منها المعسكر السني المعتدل الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تعاني منها مصر، وكذلك الضعف الاقتصادي للمملكة العربية السعودية.

 


يبدو أن سنة 2017 ستُذكر على أنها السنة التي تم فيها القضاء على الخلافة الإسلامية في العراق وسوريا، إلا أنها ستُذكر في الوقت نفسه باستمرار المواجهة الإقليمية والعالمية ضد الإرهاب الإسلامي لهذا التنظيم وللتنظيمات الأخرى. وستكون روسيا هي التي ستفرض، إلى درجة كبيرة، التسوية المستقبلية على الساحة السورية، إلا أن نظام الأسد وإيران وحزب الله هم من سينعمون بثمارها. وقد تكون لنجاحات المحور الإيراني آثار سلبية على ما يحدث على الحدود الشمالية لدولة إسرائيل. وستستمر معاناة المعسكر السني المعتدل على صعيد الضعف الاقتصادي والانقسامات الداخلية التي ستضعف قدرته على مواجهة طموحات الهيمنة الإيرانية.

وفي ضوء الواقع المعقد الذي يميز الشرق الأوسط والعالم العربي، يبدو أن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني لن يحتل، في عام 2017، أيضاً الأولوية في حل نزاعات المنطقة.

وليس من الواضح السياسة التي ستنتهجها الإدارة (الأمريكية) الجديدة للرئيس المنتخب (دونالد) ترامب. ولكن ليس هناك أي شك في أن الإدارة الأمريكية تستطيع أن تغير قسماً من التوجهات التي تمت الإشارة إليها أعلاه. وعليه، ومع بداية سنة 2017، فإن كل العيون متجهة إلى واشنطن.
ترجمة: مرعي حطيني