هذه ليست كليشة.. داعش على السياج
كان واضحاً لإسرائيل منذ اللحظة الأولى أن تسخين الحدود بالنسبة لتنظيم مثل داعش هو في أساسه مسألة وقت فقط. إذ أنه إذا ما أنهى التنظيم المواجهة مع خصومه بتفوقه عليهم فإنه بوسعه حينها التفرغ للعمل ضد إسرائيل.
في شهر كانون الأول / ديسمبر من عام 2014 أعلنت إحدى جماعات المتمردين في جنوب هضبة الجولان، "لواء شهداء اليرموك"، عن ولائها لداعش. ومنذ ذلك الوقت قامت بتوحيد جهودها مع عدد آخر من جماعات المتمردين، وفي أيار / مايو 2016 أعلنت جميعها عن إنشاء "جيش خالد بن الوليد" كفرع جنوبي لداعش على المثلث الحدودي بين إسرائيل والأردن وسوريا في جنوب هضبة الجولان. ويسيطر وكيل داعش هذا على منطقة تمتد على مساحة مئات الكيلومترات المربعة، والتي يعيش فيها بضع عشرات الآلاف من المواطنين.
ومثلما هو حال حزب الله الذي يتواجد في شمال هضبة الجولان، فإن لداعش أيضاً اهتمامات داهمة وأهم بكثير من فتح جبهة في مواجهة إسرائيل. فمقاتلو داعش مشغولون بقتال قوات النظام السوري بالإضافة إلى جماعات المتمردين الأخرى في المنطقة، والتي يوجد لبعضها علاقات مع إسرائيل. ولذلك فقد فضل داعش المحافظة على الهدوء وألا يضم إسرائيل إلى قائمة أعدائه التي تزداد طولاً.
إلا أنه كان واضحاً لإسرائيل منذ اللحظة الأولى أن تسخين الحدود بالنسبة لتنظيم مثل داعش هو في أساسه مسألة وقت فقط. إذ أنه إذا ما أنهى التنظيم المواجهة مع خصومه بتفوقه عليهم فإنه بوسعه حينها التفرغ للعمل ضد إسرائيل. ولكن إذا ما خسر أمامهم، على النحو الذي يجري لداعش اليوم في شمال العراق وشرق سوريا، فهو سيسعى أيضاً للعمل ضد إسرائيل من أجل كسب بعض النقاط ورفع المعنويات المتدهورة بين مؤيديه.
وليس من الواضح حتى هذه اللحظة إذا ما كانت الحادثة التي جرت مع داعش حادثة لمرة واحدة نجمت عن قرار، أو حتى عن خطأ في تقدير بعض قادة التنظيم المحليين، أو أن الحديث يدور عن سياسة جديدة مفروضة من الأعلى. والرد الحازم من قبل الجيش الإسرائيلي الذي اشتمل على هجوم من الجو استهدف موقعاً للتنظيم، حتى وإن كان هذا الموقع خالياً، هذا الرد جاء ليوضح أنه لا توجد لإسرائيل أية مصلحة في الانجرار إلى مواجهة مع داعش والتورط في الحرب في سوريا. إلا أنها في الوقت نفسه لن تمر مرور الكرام على أية محاولة لانتهاك الهدوء القائم على امتداد الحدود.
إن الحادثة التي وقعت في الجولان تطرح من جديد المعضلة التي واجهتها إسرائيل منذ بداية الحرب في سوريا – ما الذي يخدم المصالح الإسرائيلية أكثر – انتصار (الرئيس) بشار أو ربما انتصار أعدائه، بما فيهم داعش. أم أن لإسرائيل مصلحة في إطالة أمد الحرب واستمرار تواجد قوات داعش على السياج الحدودي.
إلا أن الحرب في سوريا تقترب من الحسم بشكل أسرع مما تم تقديره في إسرائيل. ففي الأسابيع الأخيرة حقق (الرئيس) بشار وحلفاؤه، الروس والإيرانيون، انجازات في ميدان المعركة. وهم يواصلون إحكام الطوق على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا. وفي المناطق الأخرى يقوم المتمردون بالاستسلام وتسليم المناطق التي سيطروا عليها لقوات النظام السوري. وتنضم إلى كل هذه الأمور الرياح المنعشة التي تهب من واشنطن حيث عاد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، وكرر من هناك بأن داعش هو العدو الذي ينبغي تركيز الجهد الأمريكي عليه، بالتعاون مع الروس، وليس إسقاط نظام بشار الأسد.
ترجمة: مرعي حطيني