في الطريق إلى دمشق يتوقفون في موسكو: لقاء نتنياهو – بوتين يؤشر إلى معركة تقترب
كانت الأرضية لهذا اللقاء التوافق الذي تم التوصل إليه في وقت مضى خلال هذا الشهر بين روسيا وبين الولايات المتحدة الأمريكية في ما يتعلق بوقف إطلاق النار في المناطق السورية المتاخمة لكل من إسرائيل والأردن. وقد قال نتنياهو إن إسرائيل تعارض الاتفاق، الذي لا يمنع ترسيخ (قوة) إيران في سوريا.
-
الكاتب: اسحق كلاين
-
المصدر: موقع "مِدّا" الإسرائيلي
- 29 اب 2017 07:18
كانت نقطة الانطلاق لهذا اللقاء هي أنه توجد فرصة كبيرة لمعركة إسرائيلية – إيرانية على الأرض السورية
ما هو الشيء الذي لم يحدث في لقاء
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خلال الأسبوع الماضي، مع الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين؟
خلال أقواله في موسكو لم يدعُ
نتنياهو بوتين إلى منع ترسيخ إيران في سوريا. وهو قد أشار، حسب رأيه، إلى أن تمدد
إيران في سوريا يشكل خطراً "على العالم برمته"، إلا أنه لم يطلب من
بوتين فعل أي شيء من أجل منع هذا التمدد. وبعد اللقاءات بينهما لم يعقد نتنياهو
وبوتين مؤتمراً صحفياً مشتركاً كان يجب أن يتحدثا فيه حول التوافقات المشتركة التي
تم التوصل إليها خلال الزيارة. وبوتين نفسه لم يقل شيئاً حول علاقات إيران وروسيا
أو إيران وإسرائيل. إذاً، ما الذي حدث فعلاً؟
كانت الأرضية لهذا اللقاء التوافق
الذي تم التوصل إليه في وقت مضى خلال هذا الشهر بين روسيا وبين الولايات المتحدة
الأمريكية في ما يتعلق بوقف إطلاق النار
في المناطق السورية المتاخمة لكل من إسرائيل والأردن. وقد قال نتنياهو إن إسرائيل
تعارض الاتفاق، الذي لا يمنع ترسيخ (قوة) إيران في سوريا. وفي اليوم التالي التزم
وزير الخارجية الروسي بأن يتم "الأخذ بالحسبان" المصالح الأمنية
الإسرائيلية. ولسبب ما فإنه لم يتم ذكر هذا الالتزام الروسي في سوتشي، لا من قبل
إسرائيل، ولا من قبل روسيا.
والحرب الأهلية في سوريا تخبو. ويتم
احتلال آخر معاقل داعش، ونجح نظام الأسد [الدولة السورية]، بمساعدة من روسيا،
بتحقيق التفوق في البلد. والفائز الأكبر في هذه الحرب هي إيران، ونظام الأسد
[الدولة السورية] وحزب الله، وهم وكلاء لها. والحرب ستستمر في عدد من مناطق و
زوايا الدولة، إلا أنه في الصورة الكبيرة، الامتداد الإقليمي بين إيران وبين شواطئ
سوريا ولبنان على وشك أن يتحول إلى منطقة تحت رعاية الجمهورية الإسلامية الشيعية.
وتتصرف كل من إيران وروسيا، منذ
حوالي عامين، كحليفتين. وقد كان حزب الله رأس السهم لقوات الأسد في سوريا، وهو قوة
المشاة الأفضل في الدولة والتي جرى تدريبها وتسليحها من قبل إيران. وانتصاراته خلال
العامين الأخيرين، التي نجحت في تحويل الأسد من خاسرٍ إلى القوة المهنية في
الدولة، حققها الحزب بمساعدة سلاح الجو الروسي. ونوايا إيران في تحويل سوريا
ولبنان إلى قاعدتي عمل ضد إسرائيل هي ليست غريبة على بوتين، ويجب الافتراض أنه قد
أخذها في الحسبان عندما قرر التدخل في الحرب إلى جانب [الرئيس] الأسد. وعلى أية
حال، لا يوجد للروس القدرة على منع تمدد إيران في سوريا حتى وإن كانوا يرغبون في
ذلك: فلا يمكن هزيمة قوات برية كبيرة من الجو.
ويبدو أن نتنياهو لم يأخذ بجدية
كبيرة التصريحات الروسية في ما يتعلق بالنية لـ "الأخذ بالحسبان"
المصالح الأمنية الإسرائيلية، وجيدٌ أن الأمر على هذا النحو. وهو لم يطلب من بوتين
توضيح كيف سيتم تنفيذ هذا الوعد، وهو وعدٌ دبلوماسي لم تكن للروس، على ما يبدو،
نية في تطبيقه منذ البداية.
لقد كانت نقطه الانطلاق لهذا اللقاء
هي أنه توجد فرصة كبيرة لمعركة إسرائيلية – إيرانية على الأرض السورية. وفي مثل
هذه الظروف، يبدو أن هدف الزيارة كان الطلب من بوتين عدم التدخل، مثلما امتنعت
إسرائيل عن التدخل في المصالح الروسية في سوريا مع أن ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة.
ولى زمن الهدوء
إن إيران تلعب لعبة طويلة المدى في
المنطقة. فهي قد وقعت على الاتفاق النووي مع الدول العظمى، وهو الاتفاق الذي يؤجل حصولها
على سلاح نووي لعقد من الزمن، وذلك بهدف الحصول على تفويض دولي للحصول على سلاح
كهذا بعد ذلك فوراً. وهي قد دافعت عن الأسد، وضحت بمليارات الدولارات وحياة الآلاف
من الشيعة اللبنانيين (وهنا وهناك، بحياة عدد من ضباطها) من أجل الوصول إلى النقطة
الحالية، والتي أصبحت فيها قادرة على بناء قوة واسعة من حيث حجمها، ونشرها ضد
إسرائيل. فما هي الآمال في أن تمتنع الآن عن ذلك بسبب ضغوط دبلوماسية يمكن أن تمارسها
عليها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية؟ يبدو أنها غير موجودة تماماً.
وعلى مدى سنوات طويلة من الحرب
الأهلية في سوريا امتنعت إسرائيل عن التدخل فيها، باستثناء بعض الحالات القليلة
نسبياً التي قررت فيها التدخل من الجو بهدف ضرب سلاح إيراني في طريقه إلى حزب الله
في لبنان. وقد نظرنا إلى المجزرة الدائرة في سوريا من خلف أسوارنا المحصنة، وكأننا
غير معنيين أبداً بالنتيجة. هذه الفترة انتهت.
وكما سبق وأشار الدكتور مردخاي كيدار
في مقال له في الموقع في الأسبوع الماضي، فإن إيران قد باتت تعمل من أجل إحداث تغيير
جذري في ميزان القوى في سوريا، وربما في الديمغرافيا. وهي لن تسارع في مهاجمتنا
حتى تكون مستعدة. ومن الأسهل عليها أن تضع أمامنا معضلة متى نتدخل. فأولاً يجب
عليها أن ترسخ وجودها، وتحصّن نفسها، مثلما فعل ذلك حزب الله في لبنان. وعندما
يصبح كل شيء جاهزاً، ستكون الإستراتيجية الإيرانية هي البدء بإطلاق نيران الصواريخ
على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتحدى الجيش الإسرائيلي للقدوم لوقف إطلاقها.
ومنذ اليوم يتحدثون في الجيش الإسرائيلي عن ضرورة احتلال جنوب لبنان إذا اندلعت
الحرب من هناك. وما الذي سيحصل إذا ما قام الإيرانيون بالتخندق في عمق الأراضي
السورية، على بعد 200 كيلومتر من الحدود؟ هل سنرسل قوات مدرعة للبحث عنهم في
مواقعهم المحصنة في عمق منطقة معادية؟
إذا كان الإيرانيون جديين، ويبدو
أنهم كذلك، فإنه لن يكون بعيداً اليوم الذي سنضطر فيه للمبادرة للتدخل في عمق
الأراضي السورية. وربما يكون هذا اليوم قد جاء فعلاً، ونحن ببساطة نتردد، وذلك
لأننا نعرف بأنها ستكون حرباً طويلة، وصعبة، وباهظة ودامية من الجانبين. إلا أن كل
يوم يمر يخدم العدو.
ويجب أن ننتبه إلى الجملة الأخيرة
التي قالها نتنياهو في موسكو: "إننا سنهتم بالدفاع عن أنفسنا بكل الوسائل ضد
التهديد (الإيراني) والتهديدات الأخرى". وحقيقة أن هذه الأقوال قد قيلت دون
أن يكون بوتين موجوداً إلى جانب نتنياهو يمكن تفسيرها في اتجاهين: إما عدم
الموافقة من جانب بوتين على عمل إسرائيلي في سوريا، أو – كما كان عليه الحال خلال
السنوات الست الأخيرة - الموافقة الصامتة.
ترجمة: مرعي حطيني