يجب ألا يعتمد السلام بين مصر وإسرائيل على الجانب الأمني فقط
على نتنياهو وقادة الدولة المبادرة إلى عقد قمة مع قادة مصر، بعيداً عن وسائل الإعلام، من أجل وضع خطة عمل سريعة تعيد السفير، وطاقم السفارة إلى القاهرة، والعمل على تكثيف العلاقات الثنائية في كل المجالات، على النحو الذي نسمح به للسفارة المصرية العمل في إسرائيل بالضبط.
إن العلاقات بين الدول، التي تعتمد على الدعامة الأمنية – الاستخبارية فقط، هي من حيث التعريف محدودة بزمن معين. فعلاقات كهذه تقوم فقط إذا كانت هناك مشكلة أو عدو مشترك للدولتين. وهذه الحالة ستختفي مع اختفاء المشكلة أو الخطر الذي يشكله العدو. وهذا هو الوضع بيننا وبين مصر اليوم. وفي مقابل ذلك فإن العلاقات التي تعتمد على مجموعة واسعة من المصالح، مثل المصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية.. وإلى آخر ما هنالك، هي ضمانة لحياة طويلة لهذه العلاقات. وهذا الأمر لا يتوفر في علاقاتنا مع مصر اليوم.
وعندما تريد أية دولة اتخاذ خطوة حادة في العلاقات الثنائية فإنها تدرس ما الذي يمكن لها أن تخسره من ذلك. هذا هو الاعتبار الذي اتخذته مصر قبل أن تدخل في المواجهة مع قطر. فما هي المصلحة التي ستشفع لإسرائيل إذا ما قررت مصر لسبب ما تقليص علاقاتها معها بشكل أكبر؟ لا شيء. انظروا إلى درجة البساطة التي يقوم بها عبد الله، الملك الأردني، بعدم السماح بعودة سفارتنا وطاقمها إلى الأردن. فلو أنه كانت هناك مصالح أوسع لكان الملك سينظر إلى الأمور برويّة.
وحتى في فترة الرئيس مبارك تراجعت وتقلصت العلاقات الثنائية بين مصر وإسرائيل. فبعد مقتل السادات بحث مبارك عن سبل للعودة إلى العالم العربي، وهو قد دفع مقابل ذلك بالعملة الإسرائيلية. وصمَّت إسرائيل آذانها ولم تفعل أي شيء. وما تبقى اليوم من العلاقات الثنائية مع مصر هو المناطق الصناعية المؤهلة (Qualified industrial zones) المعروفة باسم الكويز، وهو اتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومصر والذي يوفر العيش لمئات العائلات المصرية. وكانت مصر قد انتهكت اتفاق الغاز وقلصت نشاط السفارة، إلا أنها لم تمس بالكويز لأن هذه المناطق الصناعية مصلحة مصرية واضحة.
اليوم، لا يوجد أي شيء على صعيد العلاقات الثنائية مع مصر. وأكثر من ذلك، لا يوجد سفير ولا سفارة. والتفكير (السائد) عندنا بأن الدعامة الأمنية أهم بكثير من تكثيف العلاقات الثنائية يشكل مدخلاً أمام الكثير من المشاكل في علاقاتنا مع مصر في المستقبل. إذ لا توجد لنا مصالح مشتركة يمكن لها أن تحمي السلام. ومن هنا الخطأ في تفضيل الجانب الأمني على الجانب الثنائي مع مصر.
إن على رئيس الحكومة وقادة الدولة المبادرة إلى عقد قمة مع قادة مصر، بعيداً عن وسائل الإعلام، من أجل وضع خطة عمل سريعة تعيد السفير، وطاقم السفارة إلى القاهرة، والعمل على تكثيف العلاقات الثنائية في كل المجالات، على النحو الذي نسمح به للسفارة المصرية العمل في إسرائيل بالضبط. ومن شأن التنازل من جانب إسرائيل والاكتفاء بعلاقة أمنية فقط أن يعرض اتفاق السلام مع مصر للخطر.
ترجمة: مرعي حطيني