ترامب جيد لأمن إسرائيل
الدعم الأمني من الولايات المتحدة الأميركية لإسرائيل غير مرتبط بهوية الحزب الحاكم بل بقاعدة الدعم الواسع لإسرائيل لدى الجمهور الأميركي. وقد أشاروا في السفارة الإسرائيلية في واشنطن الأسبوع الماضي بارتياح إلى أنه وبعد ثماني سنوات من حكم الرئيس أوباما لا يزال هذا التأييد أكثر من 60%، مقابل 18% للفلسطينيين. وهذا هو السبب الذي يقف وراء الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على استمرار هذا الدعم الشعبي الواسع.
الشهر الماضي ،
وخلال زيارة له في
إسرائيل، طلب
رودولف
جولياني
الالتقاء بكبار
المسؤولين إدارة
شركة رافائيل (هيئة تطوير الوسائط
القتالية). ومعروف عن
جولياني أنه المحافظ الأسطوري السابق لمدينة
نيويورك، وأنه
شخص مقرب جداً من الرئيس المنتخب
ترامب، وكان السياسي الأكثر دعماً له على امتداد الحملة الانتخابية.لقد فكر كبار
المسؤولين في
رافائيل في دعوة
جولياني إلى مطعم معتبر وفخم إلا
أنه فضل أن يأكل الحمص
والشيش، وبذلك وصلوا لتناول الطعام
في مطعم الشيش في كفار سابا.
واللقاء، الذي جرى
وهم يلعقون الحمص، لم يركز على موضوع النشاط
الحالي الذي يمارسه جولياني وهو حماية
السايبر (الانترنت).
فالزعيم الجمهوري البارز بادر إلى عقد اللقاء من أجل أن يتوجه بالشكر لعاملين في
رافائيل، بشكل
شخصي، على تطوير منظومة القبة
الحديدية، التي ساهمت كثيراً في أمن إسرائيل.
وقد تلقى جولياني
من ضيوفه (هدية) نموذجاً مصغراً
من القبة الحديدية والدمع، بدون
مبالغة، يفيض من عينيه. وقد كان اللقاء مغلقاً، ولذلك لا يمكن هنا اقتباس الأقوال
الحميمية التي قالها حول علاقته مع إسرائيل، وحول
الأهمية التي يعزوها لأمنها. هل هذا مهم؟
حسب التقارير في الولايات
المتحدة
الأميركية،
جولياني مرشح ليكون
المدعي العام وليس وزيراً
للدفاع، إلا أن القصة تدل على المدى الذي ستكون فيه الإدارة (الأميركية) القادمة
مختلفة في علاقاتها مع إسرائيل عن إدارة أوباما المنتهية ولايته.وهناك نموذج آخر.
فالمرشح لشغل منصب سفير الولايات المتحدة الأميركية في إسرائيل هو ديفيد فريدمان، وهو
عضو بارز في رابطة أصدقاء المدرسة الدينية بيت إيل في الولايات المتحدة الأميركية.وللوهلة الأولى يبدو أن هذه التفاصيل غير مرتبطة بأمن
إسرائيل، وخاصة أن إدارة أوباما لم تتنكر يوماً لأمن إسرائيل.
فأوباما كان سخياً في التمويل الذي قدمه للقبة الحديدية، وكان الحوار الإستراتيجي
والاستخباراتي بين البلدين، خلال فترة ولايته، جيداً. ومع ذلك فإنه يمكن أن يكون لتغيير
النهج أثرين رئيسين على أمن إسرائيل:
1- المساعدات:
لقد تم في
مجال المساعدات التوقيع على اتفاق جديد لمدة عشر سنوات في شهر تموز
/
يوليو الماضي. وعلى الرغم من أن الاتفاق قد
وُقّع وانقضى، إلا أن هناك أملاً معقولاً
في أن تكون الإدارة القادمة أكثر إصغاء لطلب إسرائيل للحصول على تكنولوجيات متطورة
معينة،
والتي عارضت الإدارة السابقة إعطاءها لنا، بما يتجاوز المبلغ المالي.
ومن المحتمل أيضاً أن يتم تخفيف القيود على استخدام قسم من أموال
المساعدات للشراء من الصناعات الأمنية الإسرائيلية بالشيكل، الأمر الذي
بادرت إليه الإدارة السابقة. والأهم من ذلك بكثير هو أن دعم الإدارة الجديدة لإسرائيل سيكون
موثوقاً أكثر من الإدارة السابقة. ولن تتكرر الحالة التي حدثت والتي منعت فيها وزارة الخارجية (الأميركية) إقامة جسر
جوي لنقل الذخائر إلى إسرائيل، وهي الذخائر التي كانت بحاجة ماسة إليها خلال عملية "الجرف
الصامد" عام 2014.2- الردع والموضوع
النووي الإيراني:
ستُعتبر إدارة
ترامب
على أنها أكثر ردعاً تجاه التنظيمات
الإرهابية "الإسلامية"، وبشكل أكبر حيال
إيران، والتي من المتوقع أن تخرج عن الاتفاق النووي (الموقع) معها عاجلاً أم أجلاً. وإذا
اتضح أن الإيرانيين يسعون للحصول على قنبلة نووية، رغم
الاتفاق، فإنه
من المرجح أن الرد سيكون أكثر حدة وأقل دبلوماسية
مما كان متوقعاً أن يحدث من إدارة
أوباما، أو من إدارة كلينتون.باختصار: إن الدعم الأمني من الولايات
المتحدة الأميركية لإسرائيل غير مرتبط
بهوية الحزب الحاكم بل بقاعدة الدعم الواسع
لإسرائيل لدى الجمهور
الأميركي. وقد أشاروا في السفارة الإسرائيلية في واشنطن الأسبوع الماضي بارتياح
إلى أنه وبعد ثماني سنوات من حكم الرئيس أوباما لا يزال هذا التأييد أكثر من
60%، مقابل
18% للفلسطينيين.
وهذا هو السبب الذي يقف وراء الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على
استمرار هذا الدعم الشعبي الواسع.
ومع ذلك فإنه سيكون للمشاعر
الحميمية للإدارة
الجديدة، مقابل العداء (أو المناكفة
على الأقل) من قبل
أوباما
ووزير الخارجية جون
كيري، تأثير كبير على الوضع
الإستراتيجي لإسرائيل في المنطقة.الآن، ستقدّر
مختلف عناصر القوة الهامة في المنطقة بأن الالتزام (الأميركي) تجاه إسرائيل غير محدود، وأن الطريق للوصل إلى قلب الإدارة
في واشنطن عاد ليمر من جديد من القدس. ولكن هناك مخاطر
أيضاً: إن
ترامب وفيٌّ
للقاعدة (التي تقول)
إن المصالح الأميركية قبل كل شيء. وهو (شخص) لا يمكن توقع تصرفاته، ويمكن
له أن يقرر أن الشرق الأوسط غير مهم للولايات المتحدة الأميركية بالمرة. ولكن يبدو أن الفرصة
من ناحية المنظومة الأمنية الإسرائيلية هو أكبر من المخاطر. ترجمة:مرعي حطيني