زيارة مبعوثي ترامب المخطط لها إلى إسرائيل جاءت في وقت غير مناسب
يجد جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات ودينا باول، مبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط والذين سيصلون قريبا إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية "لاستئناف العملية السلمية"، أنفسهم في وضع لا يُحسدون عليهم.
مساعدو ترامب غارقون في تحقيقات مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) في العلاقات المزعومة بين حملته الإنتخابية وروسيا، والبيت الأبيض يصارع لتقديم سياسة ثابتة حول الحرب النووية مع كوريا الشمالية، ناهيك عن صوت واضح بشأن العنف العنصري داخل الحدود الأميركية.
نتنياهو يواجه سيفاً قانونياً معلقاً فوق مستقبله السياسي. مع تطورات شبه يومية حول مشاكل رئيس الوزراء القانونية، وتلك المتورط بها عدد من المقربين منه، من الصعب النظر إليه كشريك مفاوض قادر على تنفيذ اتفاق.
إذا حاول نتنياهو الإبتعاد ميليمتر واحد عن التزامات معظم شركائه في الإئتلاف الحكومي – من دون تجميد في البناء الإستيطاني، أو أي تنازلات، في هذا الشأن – فسيدفع ثمناً باهظاً. كل أولئك الذين يحضونه اليوم على البقاء في منصبه حتى لو تم تقديم لوائح اتهام ضده سيبدأون بسرعة بالمطالبة بالإطاحة به إذا أظهر مرونة ولو طفيفة مع الفلسطينيين.
أما بالنسبة لعباس، في أعقاب العاصفة التي أحاطت بالحرم القدسي والبوابات الإلكترونية للكشف عن المعادن التي وُضعت هناك من قبل إسرائيل لفترة لم تدم طويلا، فإن القائد الفلسطيني ومساعديه يصرخون لكل من يريد أن يسمعهم بأنهم قاموا بتجميد التنسيق الأمني مع إسرائيل، وبأن نتنياهو ليس بشريك للسلام بسبب مشاكله القانونية، وغير معني باتفاق سلام، و"يقوم بكل ما يطلبه منه اليمين الإسرائيلي".
مصدر فلسطيني قال مؤخراً لتايمز أوف إسرائيل إنه من وجهة نظر السلطة الفلسطينية "قد يكون لدينا أيضاً (زعيم حزب البيت اليهودي نفتالي) بينيت. إن نتنياهو يخشى بينيت ولا يتجرأ على القيام بأي شيء. لذلك ربما بينيت سيكون أفضل، لأنه أقل خوفا"، بحسب المصدر.
لكن بصرف النظر عن وضع نتنياهو، فإن التآكل مستمر في مكانة عباس في صفوف الفلسطينيين. أحد الأمثلة الرئيسية على ذلك كان قراره بفرض المزيد من القيود على حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي. في الأسبوع الماضي صدر أمر جاء فيه أن كل ما يُكتب ضد عباس أو حركته "فتح" يمكن أن يتم تفسيره على أنه "هجوم على الوحدة الوطنية"، ويمكن أن يؤدي بالتالي إلى اعتقال ناشره.
مؤخراً اعتقلت قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية خمسة صحافيين يعتبرون مؤيدين لحركة "حماس".
ولكن على الرغم من القيود التي يفرضها عباس، فإن الإنتقادات الموجهة إليه آخذة بالازدياد، ويعود ذلك جزئياً إلى حرب السلطة الفلسطينية ضد "حماس" ونظامها في قطاع غزة. القيود التي فرضتها السلطة الفلسطينية على تمويل الكهرباء والماء والرعاية الطبية والأدوية وأمور أخرى في غزة دفعت "حماس" ومصر وخصم عباس المنفي، محمد دحلان، إلى التقارب فيما بينهم.
ممثلون عن الفصائل الفلسطينية في غزة، من بينهم أعضاء في حركة "فتح" مؤيدين لدحلان وكذلك شخصيات رفيعة في "حماس"، التقوا مؤخراً في مصر في محاولة للتوصل إلى اتفاقيات حول عملية "انقاذ غزة" شملت إمدادات جديدة من الوقود من مصر وغيرها من الضروريات اللازمة للقطاع. هذه الخطوات، بطبيعة الحال، تزيد من إضعاف مكانة عباس.
عندما أصبح عباس في عام 2003 رئيس السلطة الفلسطينية، وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلي آنذاك أريئيل شارون بأنه "فرخ بدون ريش". يمكن لهذا الوصف الآن أن يمتد إلى ما وراء رام الله. من غير المحتمل أن تجد ثلاث طيور جريحة، تواجه مشاكل سياسية وقانونية قد تحد بشكل كبير من قدرتها على المناورة، الإدارة أو القدرة السياسية، على الدفع باتفاق سياسي من أي نوع.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذا، لا بد من القول: حقيقة أن كل قائد منهم يجد نفسه في وضع صعب قد تعطي استئناف عملية السلام بعض الجاذبية – نوع من الهروب البعيد المنال عن مشاكلهم الحالية الذي قد يساعد على إعادة تشكيل سطح السفينة السياسية لكل واحد من هؤلاء القادة.
بالنسبة لترامب، فإن المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن أن تحوّل الانتباه عن الأزمات الدولية والسياسات المحلية المتعثرة. بالنسبة لنتنياهو وعباس، فإن تحقيق انفراج سياسي قد يصبح "المكافأة" التي تثبت صحة سياساتهما السابقة، وعلى المدى الطويل، تمنحهما الإستقرار في الحكم.