على الولايات المتحدة أن تعرف كيف تستفيد من هزيمة داعش

نشر موقع "إسرائيل اليوم" مقالاً للصفحي الإسرائيلي يورام اتينغر يتحدث فيه عن سياسة أميركا بالتخلي عن هدف أمني معقد وطويل الأمد لصالح إنجاز تكتكيكي قصير المدى.

أميركا لم تركز على التداعيات الإقليمية بعيدة المدى للحرب ضد صدام حسين على آيات الله

يميل القادة الغربيون إلى التضحية بهدف أمني معقد وطويل المدى على مذبح إنجاز تكتيكي قصير المدى ومحبب على مسامع الجمهور. ومن ذلك، على سبيل المثال، أنه في عام 2003 ركزّت الولايات المتحدة الأميركية على التهديد الواضح والداهم الذي شكله صدام حسين إلا أنها لم تركز على التداعيات الإقليمية بعيدة المدى للحرب ضده على آيات الله وعلى الإرهاب الإسلامي. 
وقد ارتدع الأميركيون عن الاستفادة من النصر في العراق للدفع بالجهود باتجاه إسقاط نظام آيات الله، وهم مكنوا بذلك الزعماء الإيرانيين من قطف ثمار هذا النصر. 
لقد قامت الولايات المتحدة الأميركية بإسقاط نظام البعث التابع لصدام ونصبّت نظاماً شيعياً وهي بذلك قد دفعت القيادة السنية العسكرية والقبلية والسياسية، المحبطة والتي شعرت بأنها مهددة، إلى أحضان التنظيمات الإرهابية السنيّة. 

 

واليوم نجد أن الولايات المتحدة الأميركية تقف قريبة من هزيمة داعش، والتي ستكون نتيجتها تعزيز قوة نظام آيات الله والأنظمة الدائرة في فلكه في سوريا والعراق. وهذا الأمر سيحصل إلا إذا قامت الإدارة الأميركية بالاستفادة من النصر للدفع باتجاه تحقيق الهدف الإستراتيجي الأهم ألا وهو الإطاحة بالنظام الإيراني الذي يشكل تهديداً على الأمن الإقليمي والعالمي، وبخاصة على حلفاء الولايات المتحدة الأميركية العرب.

 

منذ صعود نظام آيات الله إلى الحكم عام 1979 تجاوز جدول أعمالهم الموضوع الفلسطيني باستثناء قضية واحدة: دفع إسرائيل إلى قطاع ضيق تتم السيطرة عليه من جبال يهودا والسامرة، الأمر الذي يحول "الشيطان الأصغر" من ذخر إستراتيجي إلى عبء على الولايات المتحدة الأميركية ("الشيطان الأكبر"). وسلوك إسرائيل في الموضوع الفلسطيني لا يؤثر على الشعور بجنون العظمة لدى آيات الله (الذي تعود جذوره إلى القرن السابع) في الموضوع النووي، وفي مواضيع الخليج الفارسي وشبه الجزيرة العربية وإسرائيل والإرهاب العالمي، ولا على المصلحة السعودية للاستفادة من دعم إسرائيل في إبعاد سكين آيات الله عن رقبتها.      

 

وفي مقابل المؤسسة الخارجية الغربية التي تتبنى المفاوضات وتقديم التنازلات أمام آيات الله، هناك النهج الخاص بآيات الله الذي يعزز الالتزام بجنون العظمة والتفوق على "الكفار" وتمجيد التضحية بالنفس على المستويين الشخصي والجماعي والحرب المقدسة (الجهاد) ضد "الصليبيين الجدد واليهود بقيادة الولايات المتحدة الأميركية". وفي 24 أيار/مايو قال القائد الأعلى خامنئي: "الجهاد الأكبر ضد جبهة الاستكبار (بزعامة الولايات المتحدة) يقف على رأس جدول أولويات الثورة الإسلامية". وبالرغم من الاتفاق النووي الموقع في تموز/يوليو 2015 يستخدم آيات الله المسار الكوري الشمالي من أجل الحصول على القدرة الجبارة (النووية) والتي ستؤدي إلى إزالة العائق الجبار (الولايات المتحدة الأميركية) وتحقيق الهدف الجبار (الهيمنة). 

 

إن آيات الله والعيش بسلام هما أمران متناقضان، وعليه فإن الإطاحة بهم هي شرط للحد من الاضطرابات في المنطقة. إلا أن إسقاطهم بالطرق السلمية هو أمر غير واقعي وذلك على الرغم من الاستياء في أوساط الجمهور المنقسم في إيران، بسبب المعاملة الوحشية للمعارضة ولا مبالاة الغرب بانتفاضة 2009. فهل ستستفيد الولايات المتحدة الأميركية من فرصة النصر المرتقب على داعش، أم أنها ستهدرها؟ وهل ستُقْدِم الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على عمل ما في موضوع حصول آيات الله على قدرات نووية؟ أم هل ستواصل الولايات المتحدة الأميركية التضحية بحرية العمل العسكري المستقل على مذبح العمل العسكري متعدد الجنسيات، الأمر الذي يخفض من سقف الفعالية؟ 

 

ترجمة: مرعي حطيني

المصدر: "إسرائيل اليوم"