بالون الاختبار السعودي

عندما تكون إيران هي العدو الحقيقي، العلاقات مع إسرائيل بحسب عشقي ستتبلور "وفق المصالح". قوة العلاقات ستحددها قوة عملية السلام. بعيونٍ سعودية، الحلف الذي أُعيد عقده مع الولايات المتحدة أهم بكثير وإسرائيل هي لاعب ثانوي.

عشقي زار القدس مرتين على الأقل
تعالوا نفحص ما يقترحه أنور عشقي، الجنرال المتقاعد من الجيش السعودي. من معرفتي الشخصية به، ومن المقابلة التي منحها ليديعوت أحرونوت قبل سنة، أرى فيه بالون اختبار للعائلة المالكة: إما أن تُلتَقَط الرسائل، وإما أن يتلقى هو النيران. 

 

إنه شخص محنك وليست لديه حواجز لإجراء حوار مع إسرائيليين. أفترض أنه في مملكة السعودية المغلقة والمنغلقة، عشقي لم يكن ليسمح لنفسه بهذا مع إسرائيل من دون الحصول على ضوءٍ أخضر من أعلى النوافذ في الرياض. 

في تلك المقابلة الأولى مع يديعوت، حذر الجنرال من جدة أنه يجب وضع الخطوات السياسية على مسارٍ سريع لأنه "إذا لم يتحقق سلام في عهد نتنياهو فسوف ينسل من أيدينا". عشقي كان حينها في ذروة اتصالات، فقط بعضها كُشف، مع من كان حينها مستشار نتنياهو، دوري غولد. زار القدس مرتين (على الأقل)، وأجرى محادثات ماراتونية خافية عن العيون مع مبعوثين إسرائيليين. عندما كُشف الحوار ثار ما لا يُحصى من علامات الاستفهام، وأجهزة تجسس غربية تابعت. لكن إسرائيل لم تقتنص الفرصة، والرزمة انفرطت عندما رحل غولد إلى منزله وعشقي خفّض البروفيل. 

 

أول أمس انبثق الجنرال السعودي من جديد وعرض في الصحيفة الألمانية "دويتشه فيله" رؤى مثيرة للاهتمام: جزيرتا تيران وصنافير تنتقلان إلى السعودية فقط بعد الحصول على تعهد صارم بحرية إبحار السفن الإسرائيلية في مضيق تيران. وحسب قوله فإن نقل ملكية الجزيرتين يجعل اتفاق السلام الإسرائيلي – المصري دولياً يُلزم السعودية ويشكّل قاعدة لتطوير التعاون. لكنه يبدد الأوهام، لن يكون هناك تطبيع إلى أن تتجند إسرائيل لحل مع الفلسطينيين.

 

وعندها ألقى قنبلة الخطة التي تنضح على نارٍ هادئة: كل حل يتحقق سيتم برعاية أردنية (على الضفة) ومصرية (على قطاع غزة). لم يعد إعلاناً هاذياً عن دولة فلسطينية مشرذمة في نزاعٍ بين غزة ورام الله، بل نوع من مظلة مصرية – أردنية وإشراكهما في الحل. وأضاف: ما سيقبل به الفلسطينيون سنقبل به في السعودية. بعبارة أخرى: السعودية مستعدة للتخلي عن مبادرة السلام العربية التي ستُجبر إسرائيل على رسم حدود والسجال على حق العودة. كما ستوافق السعودية، حسب عشقي، على تأجيل تقسيم القدس إلى المرحلة الأخيرة، كي لا تتفجر المفاوضات. 

 

عندما تكون إيران هي العدو الحقيقي، العلاقات مع إسرائيل بحسب عشقي ستتبلور "وفق المصالح". قوة العلاقات ستحددها قوة عملية السلام. بعيونٍ سعودية، الحلف الذي أُعيد عقده مع الولايات المتحدة أهم بكثير وإسرائيل هي لاعب ثانوي. 

 

بعبارة أبسط: مع كل الاحترام، إسرائيل مدعوة للمساهمة بمعلومات استخبارية وتكنولوجية وقضايا تضمن استقرار السلطة في المملكة في وجه مؤامرات طهران.