لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية تحاول إنقاذ مفاعل ديمونا
ترى إسرائيل أن أية مفاوضات يجب أن تشمل تجريد الشرق الأوسط ليس من السلاح النووي فقط بل من كل أنواع أسلحة الدمار الشامل (البيولوجي والكيميائي) ووسائل إطلاقها (الصواريخ). وفي كل الأحوال، فإن موقفها هو أن التجريد هو المرحلة الأخيرة التي يسبقها اعتراف كل الدول في الشرق الأوسط (بما في ذلك إيران) بحق إسرائيل في الوجود وإرساء علاقات سلام معها بالإضافة إلى ترتيبات أمنية.
جهود لإطالة عمر المفاعل في ديمونا
وقبل حوالى خمسة أشهر كتب حاييم ليفنسون تقريراً في "هآرتس" عن وجود 1300 عيب (خلل) في نواة المفاعل النووي. ونواة المفاعل المصنوعة من الفولاذ والمغطاة بالإسمنت، توضع في داخلها قضبان الوقود النووي وتتم فيها عملية الانشطار النووي. وبسبب ذلك تمتص نواة المفاعل كمية كبيرة من الحرارة والإشعاع الشديد، والتي تؤدي مع مرور السنين إلى تآكلها. وقد اكتشف هذه العيوب علماء وعناصر السلامة والأمان التابعين للجنة الطاقة الذرية وذلك بمساعدة أجهزة فوق صوتية خلال عمليتي فحص قاموا بإجرائهما خلال السنوات الأخيرة. وهم قدموا تقارير بذلك إلى مسؤوليهم، حتى بشكل علني، وذلك في مؤتمر لعلماء الذرة انعقد في تل أبيب. وكنت في عام 2004 قد كتبت تقريراً في صحيفة "هآرتس" حول يوم بحثي تم تنظيمه في جامعة بن غوريون في بئر السبع، والذي اعترف فيه مسؤولون كبار في لجنة الطاقة الذرية بأنهم يجدون صعوبة في تحسين السلامة في المفاعل. وقال مدير عام لجنة الطاقة الذرية في تلك الفترة، غدعون فرانك، إنه قد تم في الولايات المتحدة الأميركية تطوير أساليب تتيح إطالة عمر المفاعلات لمدة عشرين عاماً. إلا أنه في نهاية المطاف، فإن نواة المفاعل المصنوعة من المعدن والمغطاة بالإسمنت المسلح والسميك، والتي تعطي منظر القبة التي تظهر من بعيد، لا يمكن استبدالها مثلما يصعب تصليح ثقب في خزان للطاقة الشمسية. لقد أدى نشر التقرير في "هآرتس" إلى ظهور مشاكل صعبة لشنير وللجنة الطاقة الذرية، الذين اضطروا، بشكل متكرر، لتقديم إيضاحات حول حالة سلامة المفاعل. وهم قد أوضحوا لكل من لديه اهتمام، ولكل من قام بالبحث والسؤال، إن المفاعل سليم، وتتم صيانته طيلة الوقت وخاضع للرقابة، والسلامة فيه هي على رأس جدول أولوياتهم. وفي نهاية المطاف فإن لجنة الطاقة الذرية تُشغّل في المفاعل حوالي2000عامل وهم سيكونون أول المتضررين في حال حدوث كارثة جراء التسرب الإشعاعي. ووفق التوضيحات التي سيقدمها شنير أيضاً خلال لقاءاته في اجتماعات الجمعية العمومية (للوكالة الدولية للطاقة الذرية) فإن الحديث لا يدور عن عيوب يمكن لها أن تتطور إلى درجة حدوث تصدعات كبيرة تتسبب بتسرب الاشعاع النووي وتعرض العاملين فيه وكذلك السكان والبيئة للخطر، بل هي عيوب كانت متوقعة بسبب عمر المفاعل، ولا توجد مؤشرات على أنها تزداد. ووفق أقوال (غدعون) فرانك في مؤتمر عقد قبل 12عاماً، وبعد أن تم إطالة عمره بحوالي 20عاماً، فإنه قد بقيت للمفاعل حوالي سبع سنوات من العمر، أي حتى 2023. وإغلاق المفاعل في ديمونا، حتى وإن لم يُلحق الضرر عملياً بالردع الإستراتيجي لإسرائيل، فإنه بلا شك سيكون ذا مغزى تاريخي حيث سيتم تفسير ذلك على أنه ضربة لمكانة ولقوة إسرائيل. لقد قالت لجنة الطاقة الذرية مؤخراً بأن مكافحة شيخوخة المفاعل ستطيل عمره، ونشاطه أيضاً، إلى ثمانين عاماً، أي حتى عام 2043. واستمرار تشغيل المفاعل سيتم على فترات كل واحدة منها خمس سنوات، وذلك وفق إذن تشغيل تصدره لجنة مشكّلة من وزارات عدّة، والتي سيكون للجنة الطاقة الذرية تأثير حاسم فيها. وهناك علماء ومتخصصون، في البلاد وفي العالم، يعتقدون أنه بوسع إسرائيل أن تسمح لنفسها بإغلاق المفاعل، وذلك لأنه قد حقق الهدف الذي أقيم من أجله. والأبرز من بين هؤلاء الداعمين لإغلاقه، لأسباب تتعلق بالسلامة، العالم النووي البروفيسور عوزي ايفن. وهو كان قد عمل حتى عام 1968 في لجنة الطاقة الذرية وفي مجمع الأبحاث النووية، وبعد ذلك كان على صلة، وخبيراً، بما يجري في المفاعل وذلك على خلفية الصلاحية التي أعطاها له عمله في مكتب العلاقات العلمية (وهو وحدة استخبارية سرية عملت في أمور كثيرة من بينها توفير العتاد والمواد للمفاعل)، وكذلك خلال خدمته الاحتياطية، وأيضاً عندما عمل في الفترة 2002-2003 كعضو كنيست من قبل حزب ميرتس. وحسب التسريبات الأجنبية فإن إسرائيل قد انتجت في المفاعل مواد انشطارية كانت كافية لها لتركيب - وهذا يعتمد على التقرير الذي يجري الاستناد إليه، ما بين 80 – 200 قنبلة، بالإضافة ترسيخ إستراتيجية الردع النووية الإسرائيلية، حسب التسريبات نفسها. وفي مقابل المفاعل في ديمونا، فإنهم يدركون في لجنة الطاقة الذرية أنهم سيضطرون خلال بضع سنوات لإغلاق وتوقيف المفاعل الصغير في سوريك. وهو مفاعل تبلغ استطاعته 2 ميغا واط، والذي تم تقديمه لإسرائيل في عام 1960كهدية من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك كجزء من سياسة "الذرة من أجل السلام" التي اتبعها الرئيس دوايت ايزنهاور. وقد قدمت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، مع المفاعل أيضاً، يورانيوم مخصب إلى درجة 93% والذي جرى استخدامه في تشغيل المفاعل. ومنذ إقامته، يوجد المفاعل تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويُسمح لمراقبيها بزيارته في أي وقت يريدون، وهم يقومون بذلك بالفعل بالعشرات على مدى السنين. إن المشكلة هي أن اليورانيوم على هذه الدرجة من التخصيب يُستخدم كمادة انشطارية للقنبلة النووية. وقبل حوالي عقد من الآن، وعلى خلفية المخاوف من سعي إيران للحصول على سلاح نووي، ومن انتشار المواد الانشطارية في العالم، قررت الولايات المتحدة الأمريكية (في فترة ولاية الرئيس جورج بوش) الطلب من كل الذين حصلوا منها على يورانيوم مخصب بدرجة 93% إعادته إليها. وقد اضطرت إسرائيل أيضاً لفعل ذلك، وعليه فقد بقيت في مخزونها كمية قليلة جداً من اليورانيوم المطلوب لتشغيل المفاعل. وتحاول لجنة الطاقة الذرية التوفير في المواد وتقوم بتشغيل المفاعل بوتيرة متدنية جداً، وفي أدنى حدى ممكن، وذلك بهدف مواصلة الإبقاء عليه على قيد الحياة. إلا أنهم يعرفون أيضاً أنه بعد عدد غير كبير من السنوات سينتهي المخزون، وسيتوقف المفاعل في سوريك إلى الأبد.