عباس يعمل على تصفية البرغوثي سياسياً

ليست هذه هي المرة الأولى التي تُبدي فيها السلطة الفلسطينية علاقة استخفاف حيال عائلة البرغوثي. وحسب أقوال جهات مقربة من عائلة البرغوثي في حركة فتح فإن رئيس السلطة الفلسطينية قد عمل في الماضي لدى إسرائيل ولدى حماس بهدف ألا يتم إطلاق سراح البرغوثي من السجن في إطار "صفقة شاليط" سنة 2011 حتى لا ينافسه سياسياً.

مسؤولون كبار في حركة فتح: محمود عباس قد اتخذ قراراً إستراتيجياً للعمل على تصفية البرغوثي سياسياً

مروان البرغوثي، السكرتير السابق لحركة فتح، والذي يقضي عقوبة خمس مؤبدات في السجن الإسرائيلي، يواصل احتلال المرتبة الأولى من حيث الشعبية في استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، بوصفه الزعيم المفضل، وذلك على الرغم من استياء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

 

لقد قرر محمود عباس في نهاية الأسبوع الماضي وقف المخصصات المالية التي تقدمها السلطة لـ "نادي الأسير الفلسطيني"، برئاسة المسؤول في حركة فتح فارس قدورة، الذي أيد بشكل قوي مروان البرغوثي، وكذلك الإضراب عن الطعام الذي قام به السجناء الأمنيون في السجون الإسرائيلية قبل عدة أشهر.

 

ويوجد أيضاً داخل صفوف حركة فتح، في الضفة الغربية، جماعة قوية من المؤيدين لمروان البرغوثي، الذي قاد العمليات التي نفذتها حركة فتح ضد إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية، ويُعتبر "نادي الأسير الفلسطيني" أحد أهم المعاقل السياسية لمروان البرغوثي.  

 

وأفاد موقع FATEHMEDIA.NET في 9 أيلول / سبتمبر إن قرار محمود عباس بوقف الدعم المالي لـ "نادي الأسير الفلسطيني" قد اُتخذ في أعقاب رسالة أرسلها إليه من داخل السجن الإسرائيلي، أحد السجناء الأمنيين واسمه  جمال الرجوب. وفي الرسالة اتهم الرجوب مروان البرغوثي بأن الإضراب عن الطعام الذي قام به مئات السجناء الأمنيين، والذي نظمه في السجن الإسرائيلي قبيل زيارة الرئيس ترامب إلى المنطقة، كان إضراباً "شخصياً" جاء بهدف الإساءة لمحمود عباس وتقويض شخصيته. وحسب إدعاء الرجوب فإن "نادي الأسير الفلسطيني" هو الذي ساعد مروان البرغوثي في تحقيق هذا الهدف.

 

لقد جاء وقف المساعدة المالية التي تقدمها السلطة الفلسطينية لـ "نادي الأسير الفلسطيني" أيضاً بعد خطوة أخرى أقدمت عليها السلطة الأسبوع الماضي ضد البرغوثي، وهي رفض طلب زوجته المحامية فدوى البرغوثي بالتدخل لدى السلطات الإسرائيلية بهدف السماح لها بزيارة زوجها في السجن. وقد أبلغت مصلحة إدارة السجون فدوى البرغوثي بأنه ليس بوسعها زيارة زوجها حتى عام 2019 وذلك بسبب الأفعال التي أقدمت عليها خلال إضراب السجناء الأمنيين عن الطعام.

 

وقد أوضح أحد الناطقين باسم حركة فتح للصحفيين في الأسبوع الماضي أن لحركة فتح وللسلطة الفلسطينية أموراً أكثر أهمية للانشغال بها من "الأمور الهامشية الصغيرة" والتي من شأنها أن تؤثر على الخطط السياسية. وقد طلب الناطق نفسه من فدوى البرغوثي التوجه إلى الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان من أجل معالجة مشاكلها.     

 

وليست هذه هي المرة الأولى التي تُبدي فيها السلطة الفلسطينية علاقة استخفاف حيال عائلة البرغوثي. وحسب أقوال جهات مقربة من عائلة البرغوثي في حركة فتح فإن رئيس لسلطة الفلسطينية قد عمل في الماضي لدى إسرائيل ولدى حماس بهدف ألا يتم إطلاق سراح البرغوثي من السجن في إطار "صفقة شاليط" سنة 2011 حتى لا ينافسه سياسياً.

 

ويدّعي مسؤولون كبار في حركة فتح أن محمود عباس قد اتخذ قراراً إستراتيجياً للعمل على تصفية مروان البرغوثي سياسياً وذلك خشية من إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي قريباً في إطار صفقة جديدة لتبادل الأسرى يجري الإعداد لها بين حماس وبين إسرائيل. ويخشى محمود عباس من التحالف السياسي القوي بين خصمه اللدود محمد دحلان وبين مروان البرغوثي. وقد أعرب محمد دحلان في الماضي عن دعمه لوراثة البرغوثي لمحمود عباس قي حركة فتح، وأن يتم انتخابه ليكون الرئيس القادم للسلطة الفلسطينية.

 

ويقول مقربو محمد دحلان إنه نجح في اقناع يحيى السنوار، زعيم حماس في قطاع غزة، بأن يطلب من إسرائيل إطلاق سراح مروان البرغوثي في صفقة تبادل الأسرى القادمة معها، وإن هذا التوافق هو جزء من التفاهمات التي توصل إليها دحلان مع حماس قبل شهرين في القاهرة.

 

ووفق جهات في حركة فتح فإن سكرتيرها الحالي جبريل الرجوب، الذي يخشى من مروان البرغوثي المنافس له في معركة الوراثة على منصب رئيس السلطة الفلسطينية القادم، بعث برسالة إلى دونالد بلوم، القنصل الأمريكي في القدس، طالبه فيها بالعمل لدى إسرائيل من أجل التأكد بأنه لن يتم إطلاق سراح مروان البرغوثي في صفقة تبادل الأسرى القادمة مع حركة حماس. وقد برر رجوب طلبه بأن مروان البرغوثي سيعمل على نشر الإرهاب والعنف في أوساط الجيل الشاب في المناطق (الفلسطينية) فور إطلاق سراحه، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُلحق الضرر بجهود إدارة ترامب للتوصل إلى تسوية سياسة بين إسرائيل والفلسطينيين. إلا أن الرجوب من جهته ينفي هذه الأقوال.

 

المحادثات في مصر تثير قلق عباس

 

يوجد في مصر الآن وفد كبير لحركة حماس، برئاسة اسماعيل هنية ويحيى السنوار، وذلك بهدف دفع الكثير من الأمور ومن بينها موضوع صفقة تبادل الأسرى الجديدة، وتقديم العون للمخابرات المصرية التي تتوسط بينها وبين إسرائيل.

 

كما أن محمد دحلان قد وصل إلى القاهرة من أجل البحث مع المخابرات المصرية، ومع وفد حماس، في تطبيق التفاهمات التي تم التوصل إليها مؤخراً والتي تقضي بتخفيف الحصار على قطاع غزة، ومن بينها فتح معبر رفح وحل مشكلة الكهرباء.

 

ووفق جهات في حركة فتح فإن محمود عباس موجود في حالة ضغط كبيرة، إذ أن حركة حماس في مصر قد اشترت كميات كبيرة من السولر، حوالي 30 مليون لتر. وللمرة الأولى هي دفعت مقابل ذلك من أموال الحركة مبلغ 90 مليون شيكل من أجل التخفيف من مشكلة الكهرباء في أوساط سكان القطاع. وهي تحاول من خلال هذه الخطوة نسف خطة العقوبات الخاصة بمحمود عباس ضد قطاع غزة والتي تهدف إلى تحريض المواطنين وتأليبهم ضد حكم حماس.

 

إن محمود عباس يرى أمام عينيه الحلف الآخذ بالتشكل بين حماس وبين محمد دحلان، والذي من المنتظر أن ينضم إليه مروان البرغوثي إذا ما تم إطلاق سراحه في إطار صفقة تبادل الأسرى القادمة. لذلك هو يفعل كل شيء من أجل تصفية مصدر القوة السياسية للبرغوثي في حركة فتح، والتأكد بأنه سيبقى بين جدران السجن الإسرائيلي.

 

ترجمة: مرعي حطيني

المصدر: "مركز القدس للعلاقات العامة"