تنسيق عملياتي بين حزب الله وحماس
وعلى الرغم من أن حماس نقلت مقرها من دمشق إلى الدوحة في قطر، واصل حزب الله الاتصال المباشر مع قادة الجناح العسكري لحماس في قطاع غزة وتنسيق نقل شحنات الأسلحة من إيران إلى حماس. كما اهتم بتنسيق خروج نشطاء من الجناح العسكري من قطاع غزة للتدريب في إيران، وعلى سبيل المثال تم إنشاء وحدة كوماندوس بحرية قررت حماس تطويرها كعبرة من عملية "الجرف الصلب" من أجل إبرار قوات كوماندو في الداخل الإسرائيلي عن طريق البحر.

لم يعد حزب الله وحماس يحاولان إخفاء تعاونهما ووسائل الإعلام التابعة لحزب الله نشرت صورة للاجتماع الذي عقد في 31 تشرين الأول/أكتوبر بين الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله وبين صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي الجديد لحماس.
صالح العاروري، المسؤول عن الأنشطة العسكرية لحماس في الضفة الغربية اضطر لمغادرة تركيا وقطر بعد ضغوط من إسرائيل والولايات المتحدة وأقام قبل أربعة أشهر في حي الضاحية في بيروت الذي يعتبر معقلاً لحزب الله، سويةً مع عدة عشرات من نشطاء حماس.
بحسب مصادر أمنية رفيعة المستوى في إسرائيل، فإن العاروري ينشئ فرعاً لحماس في لبنان قريباً من مقر قيادة حزب الله.
وبالإضافة إلى تنسيق أنشطة حماس في مخيمات اللاجئين في لبنان، يبدو أن العاروري سينسق أنشطة الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة مع حزب الله الذي يتلقى أوامر مباشرة من إيران.
وقد حرص حزب الله على المحافظة على اتصال مباشر مع الجناح العسكري لحركة حماس وقائديها محمد ضيف ويحيي سنوار على الرغم من القطيعة التي تسبب بها رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل مع القيادة السياسية لإيران والرئيس بشار الأسد على خلفية الحرب الأهلية في سوريا في سنة 2011.
وعلى الرغم من أن حماس نقلت مقرها من دمشق إلى الدوحة في قطر، واصل حزب الله الاتصال المباشر مع قادة الجناح العسكري لحماس في قطاع غزة وتنسيق نقل شحنات الأسلحة من إيران إلى حماس. كما اهتم بتنسيق خروج نشطاء من الجناح العسكري من قطاع غزة للتدريب في إيران، وعلى سبيل المثال تم إنشاء وحدة كوماندوس بحرية قررت حماس تطويرها كعبرة من عملية "الجرف الصلب" من أجل إبرار قوات كوماندو في الداخل الإسرائيلي عن طريق البحر.
وقد أدت سيطرة الجناح العسكري لحماس على قيادة الحركة في الانتخابات الداخلية الأخيرة وانتخاب قائد الجناح العسكري يحيى سنوار زعيماً لقطاع غزة إلى تجدد التقارب مع إيران واستعادة العلاقات معها. وزار صالح العاروري إيران مرتين في الأشهر الثلاثة الماضية.
زيارته الأخيرة إلى إيران في 20 تشرين الأول/أكتوبر واجتماعه مع القيادة الإيرانية شكلّا استعادة كاملة للعلاقات بين حماس وإيران وفتح مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي ضد إسرائيل وإدارة ترامب.
صالح العاروري تلقى "الضوء الأخضر" لمواصلة مصالحة حماس مع فتح، التي من المفترض أن تعزز حماس وإمكانية استيلاءها على الضفة الغربية أيضاً. كما نسق مع القيادة الإيرانية السبل الممكنة لمحاولة نسف الخطة السياسية الجديدة التي تبلورها إدارة ترامب.
من المفترض أن يلعب حزب الله دوراً رئيسياً في هذا التنسيق بين حماس وإيران، ومن المفترض أن يشكّل الشيخ حسن نصر الله مقر القيادة الأمامي لإيران، التي ستشغل الجناح العسكري لحركة حماس بسبب علاقته وإلمامه بقادة الجناح العسكري.
إقامة صالح العاروري ورجاله في قلب حي الضاحية تشير إلى أنه يعتزم العمل عن كثب مع حزب الله من أجل تعزيز القوة العسكرية لحماس في قطاع غزة.
على هذه الخلفية، ينبغي رؤية الاجتماع المغطى إعلامياً بين زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله وصالح العاروري، والذي تناول تداعيات تفجير النفق الإرهابي للجهاد الإسلامي من قبل الجيش الإسرائيلي، وكذلك الوضع العام في قطاع غزة وموضوع تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية وأبعاده الإقليمية.
وفي هذه الغضون نجحت مصر مع يحيى سنوار في منع الرد العسكري من قبل الجهاد الإسلامي ضد إسرائيل، لكن حدث النفق الإرهابي بالقرب من كيسوفيم لم ينته بعد.
فالتوتر والأهبة على الحدود الجنوبية لا زالا قائمين، ولا يزال هناك عناصر عالقين للجهاد الإسلامي وحماس في النفق. كلما زاد عدد الإصابات، كلما كان من الصعب على الجهاد الإسلامي الحفاظ على ضبط النفس تجاه إسرائيل، ومن الممكن انها سترد بصورة عسكرية من قطاع غزة، الأمر الذي يمكن ان يؤدي إلى تصعيد.
من الممكن الافتراض أن مسؤول حماس صالح العاروري قد تشاور أيضاً مع حسن نصر الله بشأن اندماج حماس في قطاع غزة وفقاً لنموذج حزب الله في لبنان.
لقد اتخذت حماس قراراً استراتيجياً بنقل السيطرة المدنية في قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية دون التخلي عن قوتها العسكرية حتى تتمكن من التفرغ وتخصيص مواردها وبناء قوة عسكرية كبيرة مثل حزب الله في لبنان من أجل حرب مستقبلية مع إسرائيل.
المخطط الإيراني هو وضع إسرائيل بين مطرقة حزب الله في الشمال وسندان حماس في الجنوب، مع عشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة إليها. لقد بنى حزب الله بالفعل قوته الصاروخية ضد إسرائيل بمساعدة إيران، والآن حان دور الجناح العسكري لحركة حماس.
وعلى الرغم من إنكار كبار الشخصيات في حماس أنهم لا يريدون إنشاء نموذج حزب الله لبنان في قطاع غزة، وأنهم "يعملون على تحقيق شراكة سياسية مع السلطة الفلسطينية في موضوع السلم والحرب"، من الواضح أن هذا خداع ومحاولة إرساء حقائق على الأرض.
حماس لا تنوي تفكيك جناحها العسكري وأسلحتها، بل العكس، عملية المصالحة تهدف إلى تمكينها من تعزيز قوتها العسكرية أكثر.
من يُفترض أن يساعد في ذلك هو حزب الله، الذي يعمل أيضاً في نفس الوقت مع موافقة إيران كوسيط بين قيادة حماس الجديدة ونظام الرئيس بشار الأسد.
قيادة حماس الجديدة تريد المصالحة مع النظام السوري وهي تنفض يدها كلياً من خالد مشعل، الذي يمقته الرئيس السوري، وتدّعي أن قادتها كانوا في السجون الإسرائيلية ولم يتورطوا في النزاع مع إيران وسوريا على الحرب الأهلية ونقل مقر حماس من دمشق إلى الدوحة.