الفشل العسكري والسياسي المدوي للسعودية في حرب اليمن أوصلها لطريق مسدود

ترى صحيفة هآرتس في مقالة للكاتب تسفي بارئيل أن الفشل العسكري والسياسي المدوي الذي وضعت فيه السعودية نفسها في حرب اليمن هو المأزق الأكبر، وذلك بعد وقت قصير من تتويج الملك سلمان في كانون الثاني/ يناير 2015. فالسعودية ليس فقط تجد صعوبة على الصعيد العسكري في هزيمة الحوثيين فحسب، وأيضاً لم تثمر جهودها لإحياء النظام اليمني برئاسة عبد ربه منصور هادي، الذي يحظى بالاعتراف الدولي.

إصرار السعودية على السير في الاتجاه المعاكس أدى بها إلى طريق مسدود

الفشل العسكري والسياسي المدوي في حرب اليمن هو المأزق الأكبر الذي وضعت السعودية نفسها فيه، بعد وقت قصير من تتويج الملك سلمان في كانون الثاني/ يناير 2015.

المأساة الانسانية في اليمن لا تقلق السعودية وشريكتها الولايات المتحدة، التي تؤيد السعودية بشكل كامل. يبدو أن هذا التأييد مقابل تعهد السعودية بشراء السلاح بقيمة 110 مليارات دولار، والذي وقعت عليه مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ولكن السلاح الدقيق الذي تشتريه السعودية منذ عشرات السنين وقدرتها العسكرية، لا ينجح السعودية في هزيمة الحوثيين، رغم المساعدة الإيرانية لهم، والتي هي أقلّ بكثير من تسلّح السعودية.

ليس فقط على الصعيد العسكري تجد السعودية صعوبة في هزيمة الحوثيين، وإنما أيضاً جهودها لإحياء النظام اليمني برئاسة عبد ربه منصور هادي، الذي يحظى بالاعتراف الدولي، لم تثمر نتائج حقيقية.

ليس فقط رئيس اليمن ممنوع من العودة إلى بلاده. منذ هذا الأسبوع يمكنه تبادل الذكريات مع نظيره رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي استقال بشكل مفاجئ. منذ يوم الجمعة الماضي هو موجود في الرياض ولا نيّة لتركه. لا شكّ أن النظام في السعودية، وأكثر دقة ولي العهد الأمير محمد، هو الذي دفعه إلى الاستقالة بهدف جرّ لبنان إلى طريق مسدود وفوضى سياسية، من أجل أن يسحب من إيران وحليفها حزب الله شخص شرعي مثل الحريري، وربما من أجل إثارة الاحتجاج الجماهيري الواسع، ولوي ذراع حزب الله وإيران واجبارهما على رفع أيديهما عن الدولة. هذه عملية دراماتيكية تحول السعودية إلى متدخلة بصورة مباشرة وفظّة في شؤون لبنان الداخلية (مثلما في اليمن)، وترسم خطوط الجبهة السياسية بين السعودية وإيران. ولكن مشكوك فيه أن تنجح هذه المناورة. المقامرة السعودية يمكن أن تبدو فشل آخر مؤلم لسياسة وحشية تعارض بصورة بارزة الاستراتيجية السعودية التقليدية التي اعتمدت على دبلوماسية سرية والكثير من الأموال.

سوريا تختتم سلسلة خسائر السعودية. الحرب في سوريا برهنت على أن السعودية يمكنها، على أبعد تقدير، أن تؤيد وتموّل وتسلّح مليشيات تحظى برعايتها، لكنها لم تنجح في إنشاء تحالف عربي يحارب ضد جيش الرئيس السوري بشار الأسد، وهي أيضاً ليست شريكة ناجعة في الخطوات السياسية التي تتخذها روسيا من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا والتوصل إلى حل سياسي. في هذا الشأن كانت مساهمة السعودية اقامة تحالف للمليشيات التي تم اشراكها في المفاوضات السياسية، لكنه لا يمثل كل المتمردين.

"التحالف السني" الذي أقامه الملك سلمان من أجل محاربة داعش وكبح تأثير إيران، لم يسجل نجاحاً حقيقياً وهو يعاني من الانقسام الداخلي، في حين أن تركيا وإيران أصبحتا شريكتين في العملية السياسية السورية. وقطر التي فرضت عليها السعودية عقوبات شديدة من أجل التخلي عن ايران، لم تغير سياستها ولم تخضع لإملاء السعودية. ومصر أوضحت أنها لا تعارض استمرار ولاية الأسد (وتركيا أيضاً). الحرب ضد داعش أيضاً ادارتها قوات كردية وقوات بدعم أميركي في سوريا. في العراق، الجيش العراقي مع مليشيات شيعية وبالتعاون مع الأكراد، كانت القوة الحاسمة في الانتصار.

على خلفية ذلك، الأسئلة المطروحة هي هل مكانة السعودية لا تحظى بالمبالغة في التقدير في الغرب، وهل الشراكة الاستراتيجية معها تستند في الاساس على قدرتها الاقتصادية ومواردها الطبيعية المخزونة في أراضيها، وليس على قدرتها في التأثير على العمليات السياسية والعسكرية في الشرق الاوسط. جزء من الاجابة سيكون متعلقاً بالطريقة التي يدير فيها ولي العهد المملكة. حتى الآن نجح الامير محمد بن سلمان في الاساس في عمليات استعراض قوته وفي موجات الغضب الموجهة ضد خصومه.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية