ضغوط على عباس للقبول بـ"صفقة القرن"
سرت في بعض وسائل الإعلام شرق الأوسطية شائعات وأخبار بأن الملك السعودي مارس الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقبول بمبادئ "صفقة القرن" التي يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ببلورتها أو أن يستقيل من منصبه كرئيس للسلطة الفلسطينية. المقربون من عباس كذّبوا هذه الأخبار وقالوا إن العلاقات بين السلطة الفلسطينية والسعودية ممتازة وإن هناك تنسيق كامل في مختلف المواضيع. عباس أشار للإدارة الأميركية ولإسرائيل وللسعودية بأنه "هو الشريك الوحيد الذي يستطيع التوصل إلى اتفاق سياسي ومحاربة الإرهاب".
قامت إدارة ترامب بضم السعودية لإقناع رئيس السلطة الفلسطينية بقبول مبادئ الخطة السياسية الجديدة لحل النزاع. وتتطلع الإدارة الأميركية إلى إكمال الصفقة قبل أن يغادر عباس الحياة السياسية.
وكان عباس قد أكد في نهاية الأسبوع، في خطاب مسجل تمّ بثه في حفل أقيم في غزة في ذكرى رحيل عرفات، أن السلطة الفلسطينية تعمل مع الإدارة الأميركية وجهات دولية أخرى للتوصل إلى حل سياسي للنزاع بالاستناد إلى مبدأ حل الدولتين وأن الجهود تتواصل من أجل تحقيق عضوية كاملة لدولة "فلسطين" في الأمم المتحدة.
وجاءت أقوال عباس بعد أن قام في الأسبوع الماضي بزيارة مفاجئة للسعودية اجتمع خلالها مع الملك سلمان، وحظي عباس باستقبال ضخم شارك فيه عدد من كبار العائلة المالكة السعودية وفي مقدمتهم ولي العهد محمد بن سلمان.
هذا، وسرت في بعض وسائل الإعلام شرق الأوسطية شائعات وأخبار بأن الملك السعودي مارس الضغط على عباس للقبول بمبادئ "صفقة القرن" التي يقوم الرئيس ترامب ببلورتها أو أن يستقيل من منصبه كرئيس للسلطة الفلسطينية. وقد كذب المقربون من محمود عباس هذه الأخبار وقالوا إن العلاقات بين السلطة الفلسطينية والسعودية ممتازة وإن هناك تنسيق كامل في مختلف المواضيع.
هذا ومن غير الممكن تجاهل حقيقة أنه قبل أسبوع من وصول عباس إلى الرياض قام المبعوث الأميركي الخاص جاريد كوشنير بزيارة سرية إلى السعودية عرض خلالها على الملك سلمان مبادئ "صفقة القرن" التي تبلورها الإدارة الأميركية في محاولة لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
ووفق مسؤولين كبار في حركة فتح فإن غاريد كوشنير طلب من الملك السعودي إقناع الرئيس الفلسطيني بعدم رفض الخطة الأميركية الجديدة، وأن يوافق على استئناف المفاوضات مع إسرائيل في إطار مؤتمر إقليمي.
إلا أنه ليس هناك ما يؤكد أن الملك سلمان قد طلب من عباس الموافقة على الخطة أو الاستقالة من منصبه. لكن مصادر في رام الله أكدت أنه مارس ضغطاً شديداً على عباس اشتمل على إشارات بوقف المساعدات المالية للسلطة، وتقديم الدعم العلني لخصمه السياسي اللدود محمد دحلان. كما أن السعودية "قلقة جداً" من التقارب المتجدد بين إيران وبين حماس، ومن أن اتفاق المصالحة بين فتح وحماس يعزز من قوة حماس ويُضعف السلطة الفلسطينية.
ووفق مسؤولين كبار في حركة فتح فإن الخطة الأميركية الجديدة التي قدمها كوشنير للملك سلمان، والتي عُرضت على عباس، تتضمن البنود التالية:
1- إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وبين الفلسطينيين تحت مظلة إقليمية وذلك في موازاة مفاوضات للتطبيع الكامل بين إسرائيل وبين الدول العربية.
2- تقدم تدريجي باتجاه حل الدولتين.. مع بقاء الجيش الإسرائيلي منتشراً على طول غور الأردن، ويتم تأجيل المفاوضات حول مستقبل القدس ومكانتها إلى موعد لاحق.
3- تقوم إسرائيل بتسليم مناطق أخرى إلى الفلسطينيين في الضفة من المناطق ج والتي يتم تحويلها إلى مناطق (أ).
4- حصول السلطة الفلسطينية على مساعدات سخية من الإدارة الأميركية.
ويقول مسؤولون كبار في حركة فتح إن عباس قد رفض الالتزام بقبول مبادئ الخطة الأميركية الجديدة وأنه ملتزم بـ "الخطوط الحمراء" الفلسطينية. ويتصرف عباس بحذر شديد وذلك حتى لا يُغضب السعودية والإدارة الأميركية، وهو لا يكشف عن أوراقه ويحتفظ بها قريبة من صدره.
ووفق المصادر ذاتها، فإن إدارة ترامب تمارس الضغوط بهدف إغلاق الصفقة في الفترة القريبة قبل أن يغادر عباس الحياة السياسية، وذلك لأنه من المتوقع أن يدور من بعده صراع قوي لوراثته، وكذلك حدوث فوضى في الحكم، الأمر الذي سيُدخل من جديد موضوع النزاع في حالة جمود عميق إلى أن يتم ظهور قيادة فلسطينية جديدة.
وقد عاد عباس وأشار للإدارة الأميركية، ولإسرائيل وللسعودية، بأنه "هو الشريك الوحيد الذي يستطيع التوصل إلى اتفاق سياسي ومحاربة الإرهاب". فقد أعلن اللواء حازم عطا الله، قائد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، أعلن بشكل مفاجئ عن عودة التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشكل كامل، وقال إنه لم يتوقف في يوم من الأيام بشكل مطلق على الرغم من أزمة أجهزة الكشف عن المعادن التي وُضعت في المسجد الأقصى في تموز / يوليو الماضي.
وهناك من يقول في حركة فتح إن عباس يحاول أن يخلق أجواء إيجابية قبيل استئناف المفاوضات في موازاة اللقاءات التي يجريها مع حركة حماس حول تنفيذ اتفاق المصالحة. ومع ذلك فإن عباس يتصرف بواقعية وبحذر كبير في الاتصالات مع حركة حماس التي قام مسؤولوها قبل أسبوعين بالاتفاق مع القيادة الإيرانية على التنسيق السياسي والعملياتي بهدف احباط خطة السلام الأميركية الجديدة.
ويواصل عباس المناورة على مختلف الجبهات. فقد أعلن عن استعداده لتبادل مناطق مع إسرائيل بنسبة 6.5%. كما أعلن جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، عن موافقة الفلسطينيين على السيادة الإسرائيلية على حائط البراق (حائط المبكى) إلا أنه تراجع عن ذلك. وبالإجمال يبدو أنه ليست هناك أية إشارات على مرونة في الموقف الفلسطيني تفسح المجال أمام حدوث انطلاقة.
إن هناك الكثير من التوقعات والشائعات حول حقيقة الخطة السياسية الأميركية الجديدة، إلا أنه ليس هناك أي زعيم فلسطيني أو إسرائيلي يعرف تفاصيلها بشكل مؤكد. والأمر الوحيد الواضح هو أن الخطة آخذة بالاقتراب، وسيقوم الرئيس ترامب بوضعها قريباً على طاولة الطرفين.
نقطة ضعف عباس هي نقطة قوته أيضاً، إذ أنه ليس هناك اليوم زعيم فلسطيني يستطيع التوقيع على اتفاق مع إسرائيل سواه. وهو يعرف هذا الأمر وكذلك ترامب الذي يضغط من أجل التوصل إلى صفقة وتقديم الإنجازات. وعلى إسرائيل أن تكون يقظة حتى لا يأتي الأمر على حساب مصالحها الأمنية.
ترجمة: مرعي حطيني