حتى "القبة الحديدية" لن يكون بوسعها منع الكارثة
يتصاعد الخوف بين الإسرائيليين بشأن أية ضربة قد تتلقاها الأرض المحتلّة من حزب الله حيث يمكن لصواريخه أن تستهدف مواد بيتروكيميائية وتتسبب بحدوث كارقة.
خلال الأيام الأخيرة، قرّر ثلاثة من كبار المسؤولين في "رافائيل" (هيئة تطوير الوسائل القتالية) كسر الصمت في أحد أكثر المواضيع حساسية في دولة إسرائيل، حتى أنه أكثر حساسية من فضيحة الغواصات أو من وجبات سارة (نتنياهو). والحديث يدور هنا عن قدرة الجمهور الإسرائيلي على الصمود خلال زمن الحرب، أو في مواجهة وضع معين: فكيف سيرد الجمهور في إسرائيل في حال إطلاق رشقات من الصواريخ باتجاه إسرائيل. ومن أجل إيضاح هذه المسألة بشكل جيد، قال العلماء الثلاثة إنه بإمكان حتى صاروخ واحد من تلك الصواريخ الموجودة في مخازن حزب الله أو سوريا، في حال إصابته معمل البترو – كيمياويات في حيفا أن يُخرج نصف مليون مواطن من بيوتهم، بالإضافة إلى أضرار هائلة.
هذا ويذهب السياسيون إلى الإكثار من الحديث عن مناعة الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ولكن من غير الواضح بالمرة كيف سيرد المجتمع الإسرائيلي عندما يتعرض لضربة جدية. ليس بالضبط بحجم ضربة من الضربات التي تتعرض لها غزة (في حالة كهذه ستنهار الدولة)، بل من النوع الذي جرى وصفه من قبل الثلاثة الذين كسروا الصمت. وقد أوضح كل من نفتالي عميت وآفي فينرب وشايكا ستشبيرغر، وهم من أكبر علماء الصواريخ السابقين في "رافائيل"، أوضحوا في مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية في نهاية الأسبوع المنصرم إن كل طبقات الدفاع المضادة للصواريخ التي تتفاخر بها المنظومات الدفاعية لن تمنع إلحاق أضرار جسيمة جداً على النحو الذي تمت الإشارة إليه أعلاه. والسبب الذي يقف وراء توضيحات السياسيين وتكرارهم الأحاديث، على مسامعنا، حول مدى نجاح "القبة الحديدية"، وعن أن "العصا السحرية" تُغلق الزاوية الخاصة بها، كما أن صواريخ "حيتس" تتحكم بطبقات الجو العليا – السبب هو الخوف. ليس الخوف من صواريخ العدو، بل الخوف من الجمهور وذلك عندما يدرك أن ألعاب استعراض القوة في سوريا أو في القطاع يمكن لها أن تؤدي إلى التصعيد وإلى رشقات مكثفة من الصواريخ (تتجاوز حد إشباع هذه المنظومات / المترجم). وما الذي سيفعله الجمهور عندما يدرك أنهم يضحكون عليه في موضوع على هذا القدر من الحساسية؟ سيتهم الحكومة، وربما يسقطها.
كاسرو الصمت الثلاثة انضموا إلى التحذيرات المتكررة التي أطلقها موطي شيفر، وهو عالم صواريخ قديم، يحظى بالتقدير، كان قد عمل لسنوات طويلة في "رافائيل". وحسب رأيهم فإن كل الوسائل الدفاعية التي قاموا هم أنفسهم بتطويرها لن تحول دون حدوث أضرار هائلة. ومن حق المواطن العادي، من الآن فصاعداً، أن يتساءل: إذا كان الوضع إشكالياً إلى هذه الدرجة، فكيف تقوم حكومة إسرائيل باللعب بالنار في الشمال وفي الجنوب. والرد على ذلك هو الغرور (هم يستطيعون)، والجهل (هم لا يفهمون تداعيات ذلك) والإحباط (من فشلهم في منع الوجود الإيراني في الشمال ومؤشرات الوحدة بين الضفة والقطاع).
لقد قال نتنياهو في جلسة الحكومة الأخيرة: "إننا سنعمل في سوريا وفق احتياجاتنا الأمنية". الحقيقة هي: لا يمكن لأية ضربة توجَّه لأي مستودع أسلحة أو للجيش السوري أن تخدم أمن إسرائيل، بل هي ستزيد فقط من مخاطر التدهور. ولا بد من أن يحدث شيء حتى نثبت للحكومة أننا لن نسير وراءها مثل القطيع إلى جولة المواجهة القادمة التي تقودنا إليها. ومن يعتقد أننا سننتصر إذا ما قتلنا أو دمرنا أكثر بكثير من حجم الدمار الذي سيلحق بنا فإن عليه أن يتذكر كل حروب الماضي التي "انتصرنا" فيها، إذ دفنّا قتلانا وعدنا لجولة جديدة.
إن الطريق الوحيد لتحييد التهديدات هي التوصل إلى تسويات رسمية لوقف إطلاق النار مع سوريا وحزب الله وإيران. وحكومة إسرائيل ترفض أية تسوية لأنها ستكون اعترافاً مذلاً بفشل سياستها في مواجهة هذه الأطراف. ومن المريح للحكومة أن تخلق في الشمال وفي الجنوب أجواء الحرب، وميزان رعب هش، التي من شأنها أن تجرنا إلى حرب أخرى. وربما هذا هو بالذات ما تريده.
ترجمة: مرعي حطّيني