حلف غير مكتوب
توثيق الحلف غير المكتوب بين القدس والرياض هو نتيجة مباشرة لزيادة التهديد الإيراني على الدولتين. فالصواريخ التي تنقلها إيران إلى حزب الله من أجل ضرب إسرائيل يتم إطلاقها، في هذه الأثناء، من اليمن باتجاه مطار الرياض. كما أن ترسيخ تواجد إيران في كل من سوريا ولبنان يشكل تهديداً ليس على إسرائيل فقط بل على المصالح السعودية وعلى الطائفة السنية في الدولتين.
أقدم رئيس هيئة الأركان غادي ايزنكوت على خطوة هامة، ليست بالصدفة، لتوثيق الحلف غير المكتوب بين إسرائيل والسعودية. وهذه الخطوة مزدوجة. إذ أن هذه هي المرة الأولى التي يُجري فيها رئيس هيئة الأركان، وهو أكبر شخصية عاملة في الجيش الإسرائيلي، مقابلة مع وسيلة إعلامية سعودية. كما أن هذه هي المرة الأولى التي يقدِّم فيها السعوديون منبراً لمقابلة من هذا النوع.
إن مجرد نشر هذا الخبر هو أمر هام، إلا أن مضمونه أهم بكثير. فرئيس هيئة الأركان يتحدث بلغة واضحة حول هوية المصالح بين الرياض والقدس في مواجهة التهديد الإيراني. وهو يؤكد على ضرورة العمل المنسَّق من أجل منع التمدد الإيراني في المنطقة. وهو لا ينسى أيضاً الإشارة إلى موافقته على كل كلمة وردت في خطاب رئيس هيئة الأركان السعودي في لقاء رؤوساء الأركان الذي عُقد في واشنطن. هذا ناهيك عن الحديث عن استعداد رئيس هيئة الأركان، حسب قوله، لتبادل المعلومات الاستخبارية مع السعودية، وهي الخطوة التي سيقول المطلعون على خبايا الأمور إنها قائمة منذ وقت طويل من تحت رادار وسائل الإعلام.
وتغص الشهور الأخيرة بالكثير من المؤشرات العلنية لتوثيق الحلف غير المكتوب بين السعودية وإسرائيل. فبعد اللقاءات التي حظيت بالتغطية الإعلامية بين الرئيس المتقاعد للمخابرات السعودية، تركي الفيصل، وبين وزير الأمن السابق بوغي يعالون وعدد آخر من الإسرائيليين، يمكن أن نجد في شبكة الإنترنت أعداداً متزايدة من كتاب المقالات السعوديين الذين يقولون علانية إن إيران، وليست إسرائيل، هي العدو الحقيقي.
وهذا الأسبوع، يبدو أن إسرائيل انضمت، للمرة الأولى، لدعم اقتراح مسودة قرار سعودي في المؤسسات التابعة للأمم المتحدة والذي يدين انتهاك حقوق الإنسان في سوريا (وهي تتجاهل للحظة مشكلة حقوق الإنسان في السعودية).
إن توثيق الحلف غير المكتوب بين القدس والرياض هو نتيجة مباشرة لزيادة التهديد الإيراني على الدولتين. فالصواريخ التي تنقلها إيران إلى حزب الله من أجل ضرب إسرائيل يتم إطلاقها، في هذه الأثناء، من اليمن باتجاه مطار الرياض. كما أن ترسيخ تواجد إيران في كل من سوريا ولبنان يشكل تهديداً ليس على إسرائيل فقط بل على المصالح السعودية وعلى الطائفة السنية في الدولتين.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه رئيس هيئة الأركان أنه لا توجد النية لدى إسرائيل لمهاجمة حزب الله فإن السعوديين قاموا يوم أمس بالتهديد بتعليم نصر الله درساً لن ينساه.
إن توثيق الحلف السري بين السعودية وبين إسرائيل يقف في هذه المرحلة في مسار المصادقة عليه رسمياً. وكان السعوديون قد كذّبوا بشدة الأنباء حول الزيارة التي قام بها ولي العهد إلى القدس، وهم لن يدخلوا في عملية تطبيع قبل حصول تقدم جدي لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
ترجمة: مرعي حطيني