أسطورة ليبرالية تفتقر إلى أساس واقعي

حماس ضعيفة هي مصلحة إسرائيلية. وهذا هو بالذات ما تريده مصر، وكذلك السلطة الفلسطينية. فلحماس المتخمة بالمصائب قدرة أقل للسيطرة على السلطة الفلسطينية. ولحماس المنهكة أيضاً قابلية أكبر للاستجابة للضغوط المصرية الهادفة إلى تقليص الدعم المقدم للجهات الإسلامية المتطرفة في سيناء التي تقاتل الجيش المصري.

تقديم مساعدات اقتصادية لقطاع غزة يعني تقديم الدعم لخصم مُصر على تدمير الدولة اليهودية

هناك بعض الأصوات داخل الجيش الإسرائيلي، وخارجه، توصي بالمبادرة إلى تنفيذ خطة مساعدات دولية واسعة النطاق لقطاع غزة. ووفق واضعي هذه الخطة فإنها تهدف إلى تفادي حدوث تدهور اقتصادي قد يُفضي إلى عدم الهدوء في القطاع، الأمر الذي قد يدفع بقوى أشد تطرفاً من حماس إلى سدة الحكم فيه. وهناك هدف آخر لتحسين الوضع الاقتصادي وهو تخفيف الدوافع للقيام بعمليات ضد إسرائيل.

إن المنطق القائم وراء خطة المساعدات هذه يعاني من عيوب في نواحٍ عدة:        

1- إن الفرضية التي تقول بأن الفقر يولد العنف هي عبارة عن أسطورة ليبرالية تفتقر إلى الأساس الواقعي. إذ أنه لا توجد أية علاقة بين المستوى المعيشي وبين العنف السياسي والإرهاب. فهناك دول فقيرة، الهند على سبيل المثال، لا تعاني من الإرهاب مثل دول أخرى أغنى منها. كما أن حملة العنف الفلسطيني التي بدأت سنة 2000 حدثت في الوقت الذي كان فيه الوضع الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني في ذروته.

2- إن الاعتقاد السائد بأن انتعاش الوضع  الاقتصادي لسكان غزة سيؤدي إلى تليين مواقف الذراع العسكرية لحركة حماس هو سذاجة لا تُغتفر. فالأيديولوجية المتطرفة والتشدد الديني لا يتأثران بغنى الغزيين غير المسلحين. ففي الأنظمة الدكتاتورية، مثلما هو الحال في غزة، أصحاب البنادق هم أصحاب القرار. والطغاة في الشرق الأوسط لا يترددون في إعدام خصومهم السياسيين. 

3- إن تقديم مساعدات اقتصادية ضخمة لقطاع غزة اليوم يعني تقديم الدعم لخصم لدود مُصر على تدمير الدولة اليهودية. فهل سبق للغرب وأن فكر ذات مرة بتقديم العون الاقتصادي للعرب في الخلافة الإسلامية التي أقامتها داعش بهدف الحيلولة دون حدوث تطرف أشد من التطرف القائم؟ إن القلق الذي يجب أن يشغل بال إسرائيل هو ليس بقاء حماس، الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين. بالإمكان دحر الإسلام المتطرف فقط عندما يفهم ما يكفي من المسلمين أن النسخة المتطرفة من دينهم هي العامل الرئيس الذي يتسبب لهم بالمعاناة، والأمر غير مرهون بالانتعاش الاقتصادي.  

4- إن حماس ضعيفة هي مصلحة إسرائيلية. وهذا هو بالذات ما تريده مصر، وكذلك السلطة الفلسطينية. فلحماس المتخمة بالمصائب قدرة أقل للسيطرة على السلطة الفلسطينية. ولحماس المنهكة أيضاً قابلية أكبر للاستجابة للضغوط المصرية الهادفة إلى تقليص الدعم المقدم للجهات الإسلامية المتطرفة في سيناء التي تقاتل الجيش المصري.

5- إن أي تعزيز لحكم حماس هو على حساب السلطة الفلسطينية. صحيح أن أياً من هذين الكيانين ليس شريكاً حقيقياً لعملية السلام، إلا أن السلطة الفلسطينية أقل عدائية. وهي، في نهاية المطاف، مريحة أكثر لعملية إدارة الصراع. 

 

6- إن النضال الذي تخوضه إسرائيل ضد طموحات الهيمنة الإيرانية – مشكلتها الإستراتيجية الرئيسية – سيتضرر أيضاً من الجهود الإسرائيلية لتقديم المساعدات لحكم حماس. فحركة حماس تتعاون مع إيران. ومصر والمملكة العربية السعودية وحلفائها في المعسكر السني المعتدل قد سئموا من حماس ومن الإخوان المسلمين. كما أن هذه الدول تخشى كثيراً من تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. وأية مساعدة إسرائيلية لغزة في ظل حكم حماس لا تخدم محاولة تعزيز العلاقات مع الدول السنية المعتدلة للوقوف في وجه إيران. وعملياً فإن تقديم المساعدة لحماس يعزز المعسكر الإسلامي المتطرف الذي تشكل إيران جزءاً منه.

سيدي رئيس الحكومة، إن تطبيق خطة مارشال في غزة هي فكرة سيئة وضارة. وعلى إسرائيل مواصلة إتباع سياسة العصا والجزرة التي نجحت بشكل كبير على مر السنين، على الرغم من أن إيجاد الطريق الأمثل في هذه المعادلة الحساسة هو أمر معقد وتشوبه حالة من عدم اليقين. صحيح أنه لا توجد لإسرائيل مصلحة في حدوث أزمة إنسانية في غزة (والمخاوف حول ذلك مبالغ بها) إلا أن الاقتراح للعمل على خطة مارشال في غزة سيكسر التوازن الدقيق بين العقاب على سلوك سيء وبين المحفزات للسلوك الذي لا يضر بإسرائيل.

 

ترجمة: مرعي حطيني

المصدر: إسرائيل اليوم