ما الذي يربحه نتنياهو من التركيز على المشكلة الإيرانية؟
"لدينا ثلاث مشكلات"، تذاكى وزير الأمن أفيغدور ليبرمان في نهاية الأسبوع الماضي، "إيران، إيران، إيران". لا توجد مشكلة فلسطينية، لا توجد مشكلة فقر، لا توجد مشكلة فساد. كم من الجيد وجود إيران. ليبرمان لم يخترع الدواء الإيراني العجيب لكل الأمراض. الاختراع مسجّل على اسم مقدّم العروض بنيامين نتنياهو، الذي كرر هذا الأسبوع معلومات عن البرنامج النووي الإيراني، بمساعدة عروض هواة. هذا ما قاله رئيس الحكومة قبل ثلاث سنوات في رده على تقرير شديد اللهجة أصدره مراقب الدولة عن فشل سياسة الحكومة في مجال السكن: "عندما يتحدثون عن أسعار الشقق، عن غلاء المعيشة، أنا لا أنسى للحظة الحياة نفسها". وهكذا صدّ نتنياهو منتقديه المنهمكين بصغائر الأمور. وما هي "الحياة نفسها"؟ بداهةً التصدي لإيران. وأوضح: "التحدي الأكبر لحياتنا الآن هو تسلح إيران بسلاحٍ نووي".
بالإضافة إلى مشكلة النووي الإيراني والإرهاب الإيراني، إسرائيل لديها الآن المشكلة الإيرانية على الحدود السورية. عندما احتل نتنياهو بالقوة وقت الأمة في حفل المشاعل وألقى خطابه عن "أعدائنا الذين يعتقدون أننا ظاهرة عابرة"، من فكّر بوضع التعليم في إسرائيل؟ كم إسرائيلي كلّف نفسه عناء فحص الحقائق التي استند إليها رئيس الحكومة عندما وعد انه "بعد 70 سنة ستجدون دولة أقوى بسبعة أضعاف"؟ هذا على فرض ان مِنعة الدولة في المدى البعيد تُقاس فقط بعدد الصواريخ والطائرات والدبابات.
"الكثير من الدول، في كل القارات، تقدّر إنجازاتنا المادية والروحية، العلمية والثقافية"، تفاخر نتنياهو في نفس المناسبة. بعدها بأيام أطلق معهد أهارون للسياسة الاقتصادية، في مركز هرتسيليا المتعدد المجالات، موقعاً جديداً عن مستويات أداء الدولة في عشرة مجالات أساسية في الحياة. في كل المجالات، عدا الصحة، إسرائيل متخلفة عن الدول المتطورة. ورغم نسب النمو المرتفعة، النسبة الصافية للفقر في إسرائيل (بعد الضرائب والمخصصات) هي الأعلى في العالم المتطور. المعدل الوسطي لحالات القتل والاعتداء والاغتصاب أعلى من بقية دول الـ OECD. كما ان إسرائيل متخلفة عن العالم في جزء ملحوظ من الأبعاد البيئية.
رئيس الحكومة لا يفوّت فرصة إلا ويتفاخر بنجاحات الهايتك الإسرائيلية. هذا يحصل رغم سياسات الحكومة وليس بفضلها. بحسب مقياس معهد أهارون، إسرائيل متخلفة أيضاً الأداء وفي النجاعة. منذ ما يقرب من عقدين وتلامذة إسرائيل مُدرَجون في المرتبة 40 في اختبار "فيزا" [فحص لمهارات القراءة والرياضيات والعلوم لأبناء 15 سنة ويجري في 72 بلداً]، وفي المرتبة الأولى بين دول الـ OECD في عمق الفجوات في الاختبار بين التلامذة الأقوياء والضعفاء.
خبراء بنك إسرائيل يشيرون إلى صلة مباشرة بين سقوط تلامذة إسرائيل في الاختبارات الدولية وبين فشلهم لاحقاً، كناضجين، في الاختبارات الدولية للمهارات وناتجهم القليل كموظفين.
مع مرور 70 سنة على إنشائها، إسرائيل لا تنقصها المشاكل، وعلى رأسها جهود الإيرانيين المتعصبين دينياً للسيطرة على المنطقة، والنزاع المستمر مع الفلسطينيين. التركيز في جدول الأعمال الأمني يخدم مرتين معسكر اليمين برئاسة نتنياهو. كما ان الانهماك بـ "التهديد الإيراني" يخلّد التوق إلى من يُظهر نفسه كـ "زعيمٍ قوي"، وكذلك يكنُس تحت السجادة الفارسية أي انشغال بمسائل أُنزلت إلى مرتبة "جودة الحياة".
المشكلة هي ان الاستخفاف بجودة الحياة يكلّف عاجلاً أم آجلاً الحياة نفسها.