العد التنازلي

تتحدث حماس عن التضحية بحياة أكثر من 200 فلسطيني على السياج الحدودي مع إسرائيل في ذروة أعمال الشغب في الأسبوع المقبل. وتعتقد إسرائيل أنه حتى لو خرجت أعمال الشغب عن السيطرة وعبر الفلسطينيون السياج ووصلوا إلى الجانب الإسرائيلي، لن يكون هناك أكثر من 100 قتيل. حوار الجثث هذا يبدو مجنونا، لكن كلا الجانبين يدخلان في هذا التصادم بعيون مفتوحة.

تتحدث حماس عن التضحية بحياة أكثر من 200 فلسطيني على السياج الحدودي مع إسرائيل في ذروة أعمال الشغب الأسبوع المقبل

لوتو الأرقام يستمر: تعتقد حماس أنه خلال ذروة الاشتباكات – يوم النكبة وفتح السفارة الأميركية في القدس – ستكون قادرة على تجنيد مئات الآلاف لاقتحام السياج. تعتقد إسرائيل أنه على الرغم من الجهود المبذولة في الجانب الفلسطيني، لن تتمكن حماس من تجنيد أكثر من 100.000 شخص.

في أعمال الشغب التي وقعت يوم الجمعة الماضي، على الرغم من أعمال الشغب العنيفة وخرق السياج في عدة أماكن، لم يُقتل أي فلسطيني. هذا ليس من قبيل الصدفة. الجيش الإسرائيلي يقوم بالفعل بجهد كبير لخفض عدد الإصابات بالذخيرة الحية، إلا في الحالات القصوى. قد لا يبدو هذا مقنعا بعد مقتل ثلاثة فلسطينيين أمس في جنوب قطاع غزة بعد أن حاولت مجموعة إرهابية اختراق السياج وإلحاق أضرار ببنية تحتية أمنية قريبة. لكن الحقيقة هي أنه بعد ما يقرب من شهرين من الاستفزازات والكدمات في نهاية كل أسبوع، يُظهر الجيش الإسرائيلي ضبط النفس.

الجميع يستعد للانفجار الذي سيحدث الأسبوع المقبل كما لو أنه مصير لا مفر منه. المؤسسة الأمنية منشغلة بـ "اليوم التالي" لـ 15 أيار/ مايو. الجيش يرسم سيناريوهين محتملين. أولاً، عدد الإصابات في الجانب الفلسطيني يُنتج وضعاً لا تملك فيه قيادة حماس المزيد من الإرادة أو القدرة على كبح جماح الجناح العسكري وإطلاق مواجهة عسكرية يمكن أن تتحول إلى حرب أخرى في قطاع غزة. ثانياً: بعد انفجار 15 أيار/ مايو، الذي يبدو أنه من المستحيل منعه، ستظهر مبادرة سياسية اقتصادية على الساحة لإيجاد حل للإغلاق [الحصار]. ويتمثل هذا أساسا في تنفيذ الخطة التي بدأها المنسق السابق للأنشطة الحكومية في المناطق، بمباركة من الحكومة، وهي تقوم على تجنيد مجموعة من البلدان، الجاهزة بالفعل، لتنفيذ مشاريع بنية تحتية غير مسبوقة في قطاع غزة في مجالات المياه والصرف الصحي والكهرباء. تدفق الأموال سيوفر حلولاً توظيفية لسكان غزة وشعاع ضوءٍ للمستقبل. هذه الخطة عالقة بسبب معارضة أبو مازن. في نهاية مسيرته السياسية، قرر الزعيم العجوز أنه إذا لم يحقق رؤيا الدولة الفلسطينية، عندها فلتحرق إسرائيل وحماس بعضهما بعضاً.

الدول الأوروبية والولايات المتحدة لا تملك القدرة على العمل بشكل مباشر مع حماس في قطاع غزة، طالما أن أبو مازن يملك المفتاح. على الحكومة الإسرائيلية أن تتخذ قراراً مصيرياً: هل تسمح بنشاط إنساني في قطاع غزة باستثمار من مئات الملايين من الدولارات من خلال آليات تتجاوز السلطة الفلسطينية. لا يبدو أن الحكومة الحالية مصممة لهذا الأمر. صحيح أن الأوروبيين يفهمون العقبات التي يضعها أبو مازن ويهددون بتجاوزه في النهاية، لكنهم يحتاجون إلى تعاون إسرائيلي.

كل هذا الجنون لديه حل. حتى اليوم، تبث حماس رسائل للمؤسسة الأمنية بأنها لا تزال مهتمة بـ "هدنة". هناك كل أنواع الفرضيات حول برنامج هذا الهدنة. لقد نقلت حماس نفسها إلى إسرائيل خلال العام الماضي نسخاً مختلفة من الهدنة، مقلّصة وواسعة، تضم غزة فقط أو الضفة الغربية أيضاً. هذه المطالب والشروط لم تتم مناقشتها أبداً، لأن إسرائيل غير مستعدة للحديث مع حماس. لكن المصريين مستعدون. ربما حان الوقت لتجاوز السلطة الفلسطينية وإعطاء فرصة للحوار الذي قد ينجح في وقف ما يبدو أنه الحرب القادمة في غزة.