لغز سوريا – إيران

الاجتماعات بين زعيمي إسرائيل وروسيا هي دائما مهمة، لكن زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى موسكو هذا الأسبوع للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيحيط بها مزيد شعور من الإلحاحية. كحامٍ رئيسي للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه الوحشي، بوتين هو في الجوهر صاحب السلطة في هذا البلد الذي مزقته الحرب على الحدود الشمالية لإسرائيل. في اجتماعاتهما السابقة، يبدو أن نتنياهو وبوتين توصلا الى تفاهم بشأن مصلحة كل طرف في المنطقة.

نتنياهو نفسه أشار إلى أن صراعاً مباشراً مع إيران هو احتمال حقيقي جداً

مصلحة بوتين هي الحفاظ على الأسد في السلطة والاحتفاظ بنفوذ على سوريا. مصلحة إسرائيل هي ما تجعل اجتماع يوم الأربعاء بين نتنياهو وبوتين حيوياً جداً. بكلمة واحدة: إيران.

تضافر الأحداث هو ما يجعل الأراضي السورية خطيرة على نحو متزايد لإسرائيل، مثلما قال نتنياهو في جلسة الحكومة في يوم الأحد. إيران تزيد من جهودها الرامية إلى إنشاء قواعد عسكرية في سوريا لاستخدامها ضد إسرائيل.

على الرغم من نجاح إسرائيل مراراً وتكراراً، وفقاً لتقارير أجنبية، في ضرب مواقع إيرانية في سوريا، كانت هناك مؤشرات مثيرة للقلق عن نية موسكو تزويد سوريا بالمنظومة المتطورة المضادة للطائرات S-300 التي يمكن أن تقيد حرية عمل إسرائيل في الأجواء السورية.

قعقعة السيوف على كلا الجانبين وصلت إلى نقطة الغليان، والشعب الإسرائيلي لن يكون مخطئاً إذا اعتقد إنه يجري إعداد البلد لمواجهة وشيكة. وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر الجيش الإسرائيلي في يوم الأحد قولها إن إيران لديها خطط لإطلاق صواريخ من سوريا على قواعد الجيش الإسرائيلي في الشمال رداً على غارة إسرائيلية مزعومة على قاعدة T4 الإيرانية في سوريا الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل سبعة جنود من حرس الثورة.

نتنياهو نفسه أشار إلى أن صراعاً مباشراً مع إيران هو احتمال حقيقي جداً – وليس في المستقبل البعيد. "نحن مصممون على وقف العدوان الإيراني ضدنا، حتى إذا كان ينطوي على مواجهة".

وزير الطاقة يوفال شطاينيتس ذهب أبعد وقال إن "إسرائيل ستنظر في تدبيرٍ جارف لمنع إيران من استخدام الأراضي السورية لمهاجمة الدولة اليهودية، بما في ذلك اغتيال الأسد". وأضاف أنه "إذا واصل الأسد السماح لإيران بالعمل داخل الأراضي السورية، فإن إسرائيل ستقوم بتصفيته وإسقاط نظامه".

حيث أن مصالح إسرائيل ومصالح روسيا تختلف بشكل كبير.

حتى الآن، أطلق بوتين العنان لإسرائيل داخل سوريا للحد من نوايا إيران بسبب فهمه المتبادل مع نتنياهو أن إسرائيل لا تُقحم نفسها في الحرب الأهلية في سوريا.

وبطبيعة الحال، ينبغي أن يكون من مصلحة بوتين أيضاً منع الفيروس الإيراني الفتاك من إصابة سوريا المريضة بالفعل. ومما لا شك فيه أن نتنياهو سيحاول تقديم هذه الحجة عندما ينضم للرئيس الروسي في العرض العسكري السنوي في موسكو بمناسبة انتصار روسيا على ألمانيا النازية.

ومثلما نقل مراسل الشؤون الدبلوماسية لجيروزاليم بوست، هيرب كاينون، مسؤولون دبلوماسيون قالوا إن "اعتراف إسرائيل بالدور الحاسم للجيش الأحمر في هزيمة النازيين كان جزءاً هاماً من تنمية العلاقات القوية بين إسرائيل وروسيا".

ثناء يستحقه نتنياهو على تعزيز علاقات قوية مع بوتين، خاصة في ظل واقع غير مستقر وعمل كل من الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي في سوريا.

حوار منتظم بين إسرائيل وروسيا، التي حلت محل الولايات المتحدة كقوة عظمى في المنطقة، هو أمر حيوي وسط النقاط المحتملة للصراع. على الرغم من أن مصالح كل منها في سوريا قد لا تتلاقى، إسرائيل هي في مكان أفضل من خلال وجود قناة مفتوحة مع الكرملين فتحها نتنياهو.

نأمل أن تتلقى موسكو وتستوعب رسالته المتشددة للخط الأحمر حيال إيران.