يستعدون للسيناريو الأسوأ

يتساءل محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرنوت حول الطرف المسؤول عن التدهور في إسرائيل، ويقول إن القيادة السياسية تحاول إقناع الإسرائيليين بأنه قدر، لكن هل حقاً أن كل شيء هو بسبب الطرف الثاني، أم أن الحكومة الصهيونية لها دور في هذا التدهور، سواء عن طريق الفعل أو عدم الفعل؟

الخطر الأكبر هو الدخول إلى مستوطنة قريبة من السياج أو خطف جندي

تستعد المنطقة الجنوبية هذا الأسبوع لأسوأ سيناريو: العودة إلى مواجهة عسكرية واسعة مع حماس. إلى جانب الآلاف من الجنود والشرطيين المنتشرين أمام سياج قطاع غزة، تم إعداد خطط لتعزيز القوات فوراً من مدارس عسكرية ومن وحدات احتياط قتالية قيد التدريب، وحتى إمكانية تجنيد احتياط، على الأقل جزئياً. وفي الوقت نفسه، يستعد سلاح الجو أيضاً، الذي قام سلفاً بإعداد خطط لحالة تدهور في قطاع غزة، سيما إنزال ضربة نارية قوية بوجهٍ خاص.
قادة حماس يدعون الشباب الفلسطيني للتضحية بحياتهم على السياج. بالنسبة لحماس، يوم الاثنين، يوم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ويوم الثلاثاء، يوم النكبة، سيكونان أكبر يومي اختبار لها منذ سيطرتها على قطاع غزة: الفشل سيؤثر على صلتها بالساحة الفلسطينية ويمكن أن يعيد الجناح العسكري لحماس إلى مواجهة مع إسرائيل.
ويستعد الجيش الإسرائيلي لكل عدد ممكن: من 50 ألفا إلى نصف مليون، ولا يمكن لأحد تقدير عدد المتظاهرين الذين ستنظمهم حماس، لكن الجيش لا يجازف: تم إنشاء ثلاثة أحزمة دفاعية، تتولاها قوة كبيرة من ثلاثة ألوية، أي ثلاثة أضعاف عدد الجنود الموجودون الآن هناك. كما تم تعزيز صفوف القناصة بقناصة من وحدات المشاة. أوامر فتح النار لم تتغير، لكن ما قد يتغير – بدءاً من الغد - هو الحالات التي قد يواجهها الجنود. في حالات الخطر على الحياة: الجنود لديهم إذن بإطلاق النار بهدف القتل. على سبيل المثال، إذا نجحت مجموعة كبيرة من الفلسطينيين في اختراق السياج ووجد جنود أنفسهم في مواجهة حشد يهرول نحوهم، لديهم إذنًا بإطلاق النار على أرجلهم في المرحلة الأولى، ثم يطلقون النار ليقتلوا. كذلك الجنود الذين يرون زملاءهم في محنة مخولين بفتح النار أيضا. بالمناسبة: قصف النفق الليلة الماضية بالقرب من معبر إيريز كان يهدف أيضا إلى إرسال رسالة إلى حركة حماس من أجل "مسيرة العودة" – ومفادها ان الجيش الإسرائيلي سيجبي ثمنا باهظا على محاولات اختراق السياج.
الخطر الأكبر هو الدخول إلى مستوطنة قريبة من السياج أو خطف جندي. بالنسبة لحماس، هذه ستكون صورة انتصار. لذلك، سيتم وضع الكثير من القوات في المستوطنات القريبة من السياج. ولدى قادتها أوامر واضحة: حتى مسافة معينة من سياج المستوطنة، إطلاق النار على الأرجل، في حال لمس السياج والدخول: إطلاق النار للقتل. قائد فرقة غزة، العميد يهودا فوكس، تحدث مع القادة الميدانيين وأوضح لهم أوامر إطلاق النار. كما تم القيام بمحاكاة لحالات وردود حتى لا يكون هناك أي غموض. تخطط حماس هذه المرة لكسر السياج بشكل كامل: فبدلاً من خمس نقاط، تستعد لـ 13 موقعًا، وهذا من أجل إنشاء سلسلة من الأحداث التي تمنع الجيش من تعزيز القوات في نقاط حرجة. الخشية هي أن كل السياج سيتعرض للهجوم. هذه التكتيك واضح. في البداية، دخان الإطارات من أجل التشويش على القناصة. ثم يهجم آلاف المتظاهرين إلى نقطة اختراق، وفي موازاة ذلك طائرات ورقية حارقة تشغل الجيش. مع إعطاء الإشارة: سيبدؤون بتفكيك السياج الأول – وهو سلك شائك داخل الأراضي الفلسطينية على بعد عشرات الأمتار من السياج الالكتروني. بمجرد عبوره سيواجهون القوات العسكرية التي ستحضر لسد ثغرة الاختراق. وهنا أيضا، هناك خطر كبير يتمثل بخطف جندي أو استهداف القوة.
إذا تمكن الفلسطينيون من عبور السياج الأول، بعد بضعة عشرات من الأمتار، سيصادفون سياجًا آخر، حيث سيحاول الجيش احتواء الاختراق بقوات كبيرة، بما في ذلك شرطة وفرسان. وقد تم بالفعل المناورة على تكتيك محاصرة المخترقين وكبحهم. بالنسبة للجيش الإسرائيلي، اختراق السياج الثاني هو نوع من إنجاز بالنسبة لحماس، التي تبني على قدرتها على تحمل مئات القتلى. الإنجاز المطلوب من ناحية إسرائيل هو إعادة الوضع القائم للقطاع ومحاولة دفع مشاريع بنى تحتية إنسانية. إلا ان الإنجاز الذي تسعى إليه حماس هو فك الحصار، ولو جزئياً. مفتاح ذلك موجود بيد أبو مازن، الذي يرفض تحويل أموال إلى قطاع غزة. والمصريون يحاولون تخفيف الضغط ويفترض أن يفتحوا معبر رفح لمدة أربعة أيام.
هذه المرة فوّتنا القطار: سيكون بالإمكان الجسر بين مصالح إسرائيل وحماس، لكن فقط بعد موجة العنف الحتمية. ومع ذلك، هناك قلق من أن يجر العنف إلى مواجهة شاملة: السلطة الفلسطينية تعد أيضا لتظاهرات حاشدة بمناسبة نقل السفارة الأميركية ويوم النكبة. إذا خرجت الأمور عن السيطرة، غزة ستشتعل. وفي حال وفرت غزة "البضاعة" في خرق السياج وبثمن أكثر من 100 قتيل، فإن ديناميكية "النجاح" يمكن أن تشعل الضفة الغربية.
ليس هناك ما هو أكثر صوابية من مدح الطيارين الذين هاجموا في سوريا والمقاتلين الذين يدافعون عن محيط غزة. لكن يجب علينا أن نسأل: كيف تم حُشرنا في هذه الزاوية؟ كيف وجدنا أنفسنا في وضع يتحقق فيه سيناريوهين سيئين: عشرات الآلاف من الفلسطينيين يسيرون على السياج، وفتح جبهة ثالثة في سوريا؟
أحدٌ ما مسؤول عن هذا التدهور. قيادتنا السياسية تحاول إقناعنا بأنه قدر، وهو حتمي. لكن هل حقا ان كل شيء هو بسبب الطرف الثاني، أم أن الحكومة لها دور في هذا التدهور، سواء عن طريق الفعل أو عدم الفعل؟