تصعيد دون كوابح
أين ستكون نقطة التوقف؟ ما زال الأمر هذا غير واضح. من جولات سابقة تعلمنا أن حماس لديها نفس طويل لا بأس به.
نحن الآن في سقوطٍ حر في غزة. لا منتصرين، لا وسيط، لا حوار، فقط نيران. في الظروف التي نشأت في اليوم الأخير، هذه النيران ستتوقف فقط إذا رفع أحد الطرفين يديه. بعبارة أخرى: عندما ترضى الجهاد الإسلامي وتقرر وقف النار.
في المناقشات التي أجراها وزير الأمن مع الأركان العامة أمس، حصل الجيش على الموافقة للتحضير لكل الاحتمالات: من تكثيف شدة النيران ضد قطاع غزة إلى التوغل البري، مفاقمة قوة النيران يمكن أن يتجلى في هجمة جوية مكثفة تستغرق عدة أيام ضد ما يسمى بالبنية التحتية لحماس بما فيها تحت الأرض في عمق القطاع. إن أثر مثل هذا الهجوم هو نشاط جوي مسلح ضد واحدة من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم، فيما لا يوجد لسكانها المحليين مكان يهربون إليه. الأضرار المحيطة والثمن في الأرواح سيكونون تبعاً لذلك. لكن الكلمة الأخيرة ستكون إسرائيل. هذا هو القرار في المؤسسة الأمنية في مشاورة واحدة مع رئيس الحكومة: عدم ترك أي طعم نصر في الجانب الثاني. هذه أيضا فرصة لوقف موجة الإرهاب الشعبي على الشريط الحدودي، التي أصبحت خلال الأشهر الثلاثة الماضية روتينًا خطيرًا.
هكذا تندلع الحروب في الشرق الأوسط.. منظومة التوازنات في المثلث إسرائيل – مصر – حماس انتقلت من هذا العالم. وهذا الفراغ تدخله إيران، مع مصلحة واضحة بعدم استقرار قطاع غزة. فكم بالأحرى والجهاد الإسلامي، شبيهاً بحزب الله، هي أداة عمل ناجعة بيد إيران.
كما في الجرف الصلب، وكما في حرب لبنان الثانية، المعركة الحالية في غزة هي حرب ينجر إلى خضمها الطرفان. يوم الأحد كان مثالاً واضحاً على هذا الانجرار..
من الممكن الافتراض أننا سريعاً جداً سننتقل إلى الإحباطات المركّزة [اغتيالات] لقيادة حماس، وفي المقابل قصف بعيد المدى من غزة على الداخل الإسرائيلي، بما في ذلك محاولات خرق الشريط الحدودي وتنفيذ هجمات داخل الأراضي الإسرائيلية. وفي موازاة ذلك سيجري جهد لفتح جبهة إضافية في الضفة.
الضربة التي تحاول إسرائيل الآن إنزالها من الجو من المفترض أن تترك على حماس نفس الأثر الذي أنتجته موجة القتلى على السياج في يوم النكبة: ضربة قاسية بوجهٍ خاص لقدراتها العسكرية، سيما البنى التحتية المركزية لصنع أسلحة، إلى حد تهديد إمساكها بالسلطة. في المرحلة القادمة من الهجمات، من الممكن الافتراض ان إسرائيل ستهاجم أيضاً مؤسسات السلطة.
أين ستكون نقطة التوقف، لا زال هذا غير واضح. من جولات سابقة تعلمنا ان حماس لديها نفس طويل لا بأس به.