من ألعاب الفيديو إلى الإساءة للمرشد خامنئي.. حملة ممنهجة ضد إيران؟

بعد إساءة مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية إلى الرموز الدينية الإيرانية، وسماح شركة "ميتا" بنشر وسم ضد المرشد الإيراني، هل هناك حملة غربية ممنهجة تستهدف إيران ورموزها؟

  • من ألعاب الفيديو إلى الإساءة للمرشد خامنئي.. حملة ممنهجة ضد إيران
    من ألعاب الفيديو إلى الإساءة إلى المرشد خامنئي.. حملة ممنهجة ضد إيران

تنفذ الشركات الأميركية والغربية حملةً ممنهجة تستهدف إيران للنيل من الشخصيات السياسية والدينية فيها؛ فبعد نشر مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية سلسلةً من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، أزالت شركة "ميتا" (مالكة "فيسبوك" و"إنستغرام") الحظر عن وسم "الموت لخامنئي"، بذريعة أنّه تعبيرٌ سياسي لا يُمثل انتهاكاً لقواعد المنصّة ولا يدعو إلى العنف.

إساءة الصحف والشركات العالمية سبقتها إساءات عديدة من صُنّاع ألعاب الفيديو الذين يتعاونون مع مؤسسات الأمن القومي الأميركي، وفق تقريرٍ صادر عن موقع "مينت برس نيوز"، إذ أضافت لعبة "call of duty" في الآونة الأخيرة مهمّة "قتل" قائد "قوّة القدس" في حرس الثورة الإيراني الجنرال الشهيد قاسم سليماني إلى المهام المطلوبة في اللعبة، وحرّضت لعبة "ZAHAk" على قتل المرشد الإيراني، فما أدوات استهداف إيران؟

"ميتا".. ازدواجية معايير في التعامل مع المنشورات

ألغى مجلس الإشراف في شركة "ميتا" (مالكة "فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتسآب")، التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقراً لها، الاثنين الماضي، قراراً بإزالة أيّ منشور في منصّة "فيسبوك" يتمنى الموت للمرشد الإيراني، وادعى أنّ العبارة لا تنتهك قواعد المنصّة التي تحظر "التهديدات العنيفة"، وفق زعمها.

وقال المجلس الذي تموله شركة "ميتا"، لكنّه يعمل بشكلٍ مستقل، إنّ العبارة تُستخدم في الغالب بمعنى "يسقط خامنئي"، في إشارةٍ إلى المرشد الإيراني الذي يعتبر المرجع الديني لعشرات الملايين من المسلمين في العالم.

وغالباً ما تمنع "ميتا" المنشورات المناهضة لأميركا و"إسرائيل"، وخصوصاً في منطقة غرب آسيا، مثل فلسطين المحتلة ولبنان واليمن وسوريا وإيران. وعلى النقيض، تسمح الشركة بمشاركة المنشورات والأخبار عن منظمات إرهابية عالمية، منها "داعش" و"النصرة" وغيرهما. هذا الأمر يقود إلى حالةٍ من الغموض بشأن توقيت القرار وكيفية تطبيق قواعد الشركة.

وقال مجلس الرقابة في "ميتا": "في السياق الإيراني، على شركتنا بذل المزيد من الجهد من أجل فسح المجال لحرية التعبير في المساحات الرقمية المعارضة للنظام في إيران".

وقارن المجلس أيضاً بين كيفية التعامل مع هجوم الكابيتول في الولايات المتحدة الأميركية في 6 كانون الثاني/يناير 2021 وعبارة "الموت لخامنئي"، ورأى أن المنشورات التي حرضت على العنف في الولايات المتحدة تحت وسم "اقتلهم جميعاً" انطوى على دعوات للعنف ضد قادة سياسيين محددين.

وقال مجلس الرقابة في "ميتا" إنّ تصريحات "الموت لخامنئي" تختلف عن التهديدات التي نشرت خلال الهجوم على الكابيتول، معتبراً أن هذا الوسم "لا يدعو إلى العنف مطلقاً"، على حد زعمه.

وتسببت الاضطرابات بمعضلةٍ متكررة لشركة "ميتا"، التي ترددت مراراً في النهج الذي تتبعه مع العبارات السياسية العنيفة التي تُنشر في منصاتها. مثلاً، تحظر الشركة أسماء العديد من المقاومين الفلسطينيين القدامى والجدد، كما تحظر منشوراتٍ عن سوريا واليمن والعراق وفنزويلا وغيرها، وتمنع أحزاباً لبنانية ويمنية من نشر أخبارها ومنشوراتها، وتمارس الحظر على كل مستخدمٍ لا يتماشى مع سياساتها.

اقرأ أيضاً: حزب الله: إساءة "شارلي إيبدو" مرفوضة وعلى الحكومة الفرنسية محاسبة القائمين عليها

الاستخبارات الأميركية توجه ألعاب الترفيه لضرب إيران

في السياق ذاته من الاستهداف الممنهج، سمحت منصّة "غوغل بلاي" الأميركية لجميع مستخدمي هواتف "آندرويد" في العالم بتحميل تحديث جديد للعبة "ZAHAK" مجاناً، وهي لعبة تتيح للمستخدم أداء دور متظاهرين إيرانيين تتمثل مهمتهم الرئيسة بمحاربة كبار المسؤولين في إيران، والهدف النهائي هو اغتيال المرشد الإيراني السيد خامنئي وإطاحة الحكومة في طهران، من خلال إدارة اللاعبين كل أعمال الشغب.

موقع "مينت برس نيوز" كشف سابقاً، مستنداً إلى مجموعةٍ من الوثائق والمستندات، أنّ "السجلات كشفت قيام الاستخبارات الأميركية باستهداف ألعاب "Activision Blizzard" واختراقها"، مضيفاً أنّ "الوثائق التي أصدرها إدوارد سنودن كشفت أنّ وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الدفاع تسللت إلى عوالم الإنترنت الشاسعة، مثل "World of Warcraft"، وخلقت شخصيات وهمية لمراقبة النشاط غير القانوني المحتمل وتجنيد المخبرين".

وتابع "مينت برس نيوز": "في الواقع، في مرحلةٍ ما، كان هناك كثيرون من الجواسيس الأميركيين في لعبة فيديو واحدة، إلى درجةٍ أنّهم اضطُروا إلى إنشاء مجموعة عدم تضارب"، لأنهم كانوا يضيّعون الوقت في مراقبة بعضهم البعض عن غير قصد. وكتبت وكالة الأمن القومي أنّ الألعاب الافتراضية كانت فرصة وشبكة اتصالات غنية بالأهداف".

وأشار "مينت برس نيوز" إلى أنّ القوات الجوّية الأميركية نقلت في أيلول/سبتمبر 2018، على سبيل المثال، "مجموعة من المديرين التنفيذيين للترفيه، بمن في ذلك منتج "Call of Duty / Activision Blizzard Coco Francini"، إلى مقرهم الرئيس في "Hurlburt Field" في فلوريدا، وقالت إنّ السبب الواضح لذلك هو عرض أجهزتهم وجعل صناعة الترفيه أكثر دعاية موثوق بها لآلة الحرب الأميركية".

وأضاف: "بتمويلٍ من شركات الأسلحة وحلف شمال الأطلسي وحكومة الولايات المتحدة، يعمل مجلس الأطلسي على وضع إستراتيجيات لأفضل السبل لإدارة العالم. اثنان من موظفي "Call of Duty" الرئيسيين يعملان أيضاً في المجلس الأطلسي. تشانس غلاسكو، المؤسس المشارك لمطوّري "Infinity Ward"، الذين أشرفوا على الصعود السريع لامتياز اللعبة، يقدّم المشورة لكبار الجنرالات والقادة السياسيين بشأن آخر التطورات في مجال التكنولوجيا".

وهناك أيضاً مصمم اللعبة والمنتج ديف أنتوني، وهو أيضاً موظف في "Atlantic Council". وقد انضم إلى المجموعة عام 2014، ومهمته تقديم المشورة بشأن الشكل الذي سيبدو عليه مستقبل الحرب، كما أنه يضع إستراتيجيات لحلف الناتو من أجل القتال وفقاً لها.

"شارلي إيبدو".. إساءة إلى الإسلام بقناع "حرية التعبير"

جددت مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية هجومها على إيران وشخصياتها، وذلك بعد نشرها رسوماً تسيء إلى السيد خامنئي. نشر هذه الرسوم أثار غضب قطاعات واسعة من المسلمين والمفكرين في إيران والعالم، وأدّت الإساءة إلى استدعاء السفير الفرنسي وتقديم احتجاج رسمي، وأيضاً إغلاق معهد أبحاث فرنسي في طهران.

وتأتي الرسوم في سياق مسابقة أعلنتها المجلة دعماً لأعمال الشغب التي تشهدها إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر الماضي. المجلة التي لها تاريخٌ شنيع من الاستهزاء بالمقدسات الإسلامية والمسيحية واليهودية تنشر بين الحين والآخر رسوماً كاريكاتورية "مبتذلة"، إذ نشرت خلال السنوات الماضية رسوماً تسيء إلى نبي الإسلام محمد. وقد صنف مفكرون هذه الأعمال بأنّها تحرّض على الكراهية الدينية والعنصرية.

وتسببت المجلة مراراً بحدوث مشكلات دبلوماسية للحكومة الفرنسية التي تُحاول أن تظهر كأنْ لا علاقة لها بالمجلة التي تثير الكراهية وتحرّض على العنف، ولكن الكثيرين في فرنسا يلومونها لدعمها انتهاكات المعتقدات والمقدسات بذريعة حمايتها حرية التعبير.

اقرأ أيضاً: "شارلي إيبدو" تبحث عن الشهرة بالإساءة

وعلى الرغم من أنّ فرنسا لديها قوانين صارمة لخطاب الكراهية التي تجرّم التعليقات التمييزية أو تلك التي تحرّض على العنف ضد الجماعات العرقية أو الدينية، فإنها لا تضع قيوداً بشأن الأديان أو الشخصيات الدينية. وقد دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عما سمّاه حق رسامي الكاريكاتور في "التجديف"، الأمر الذي يجعله مسؤولاً عن هذه الإساءات.

تتعامل فرنسا مع الإساءة إلى الإسلام وإيران بحرية انتقائية مشوهة وخطرة، فمجلة "شارلي إيبدو" هي وسيلة لتطبيق هذه المفاهيم الهجومية. وما بدأ مع نبي الإسلام محمد طال اليوم شخصية دينية بوزن السيد علي خامنئي، والسؤال هنا ليس عن الأساليب الدنيئة والرخيصة المستخدمة، بل عن الدوافع والأسباب للنيل من الإسلام وقاماته، ولا سيما في هذا التوقيت الذي تتعرض فيه إيران لهجمة شغب ممنهجة.

اخترنا لك