ظريف وجدارية الشهيدين سليماني والمهندس في بغداد
توقف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمام جدارية للشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في طريقه إلى بغداد، وقفة رمزية ذات رسالة سياسية وأبعاد أخلاقية.
-
تعيد طهران توجيه الرسائل عبر مشهد زيارة وزير خارجيتها إلى مكان اغتيال القائد قاسم سليماني ورفاقه
بعد وصوله إلى بغداد، وقبل شروعه في المقابلات الرسمية، توجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مباشرة إلى مكان اغتيال الشهيدين قاسم سليماني والقائد أبو مهدي المهندس ورفاقهما، في عملية نفذتها القوات الأميركية، فما هي الدلالات والرسائل لوجوده في هذا المكان؟
لم يكن شهر كانون الثاني/يناير الماضي شهراً عادياً بما حمله من تطورات خطيرة على المستوى الإقليمي، كادت أن تشعل حرباً كبيرة بين إيران والولايات المتحدة بعد اغتيال الأخيرة للقائد سليماني ورفاقه.
كانت لحظة مفصلية لطهران التي أكدت أن ما قبل الاغتيال ليس كما بعده، وجاء الرد الإيراني سريعاً باستهداف القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد.
بعد أشهر تعيد طهران توجيه الرسائل عبر مشهد زيارة ظريف إلى مكان الاغتيال، فالجريمة لم تسقط بالتقادم بالنسبة لإيران، والأولوية لاتزال لمحاسبة القوات الأميركية والرد الاستراتيجي بإخراجها من المنطقة، وهذا ما بدا واضحاً في مباحثات ظريف مع المسؤولين العراقيين وتصريحاته أيضاً.
في ظاهر هذا المشهد، هو يحمل رسالة أخلاقية وإنسانية، ويؤكد على عمق العلاقة التي كانت تجمع الوزير ظريف وسليماني، وهو الذي أشار قبل عدة أيام أمام مجلس الشورى إلى التنسيق الأسبوعي بينهما.
وقال إن القرارات التي كانت تصدر عن الخارجية كانت تصدر بالتنسيق مع سليماني، ناهيك عن الود والمعزة بين الرجلين، التي تحدث عنها سابقاً بإسهاب خلال لقاءٍ مع الميادين عقب الاغتيال.
أما في باطن الزيارة، فهناك رسائل سياسية هامة جداً، على رأسها أن محاسبة واشنطن لا تزال على رأس الأولويات الإيرانية، وتأكيد أن عملية المحاسبة ليست بالضرورة أن تكون عسكرية فقط، هناك أوجه عديدة للمحاسبة، منها مثلاً ملاحقة الولايات المتحدة في المحافل الدولية قانونياً وقضائياً، كما حصل قبل عدة أيام بعد تقرير لمنظمة حقوق الإنسان.
ولعل مسألة متابعة عملية الاغتيال قانونياً وسياسياً هي أبرز ما تناوله ظرف في الزيارة، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية الاقتصادية والسياسية بين البلدين.
كما أن لقاء ظريف مع مختلف الشخصيات وزيارته إقليم كردستان، كانت رسالة واضحة أيضاً أن إيران تدعم وحدة العراق ومؤسساته الدستورية ولحمته الوطنية، وإلى جانب ذلك تدعم "الحشد الشعبي" كقوة عراقية رسمية كان دورها بارز في القضاء على "داعش" في العراق.
لكن لا يخفى على الوزير الإيراني حجم التناقضات والتجاذبات العراقة وخاصة فيما يتعلق بسلاح الحشد الشعبي، وبإخراج القوات الأميركية برغم أنه قرار وافق عليه البرلمان، وهما مسألتان قد لا يجامل بهما صانع القرار الإيراني كثيراً.
وجود تناقضات في الداخل العراقي، لا تمنع إيران من التأكيد أنها تدعم الوحدة لكن مع النظر إلى عدة قضايا استراتيجية، فعندما تنظر إيران إلى الحشد الشعبي كقوة رئيسية قي المقاومة، لا يمكن القضاء عليها لا من قبل الولايات المتحدة ولا من غيرها، هذا موضوع استراتيجي.
كذلك الأمر في إخراج الولايات المتحدة الأميركية، هذا أمر استراتيجي، لا يتعلق فقط بنظرة إيران للداخل العراقي بل يتعلق بنظرتها للمنطقة بشكل عام، وأيضاً استتباب الأمن في العراق والمنطقة هو جزء مهم جداً في محور المقاومة.