لن يستغرق الأمر طويلاً حتى يصبح عدم الاستقرار الإقليمي عالمياً

مجلة "فورين بوليسي" تنشر تقريراً يظهر تصنيف الدول الهشة في العالم لعام 2016 مشيرة إلى أن تداعيات الاضطرابات لن تقف عند حدود نقطة انطلاقها بل قد تتعداها إلى دول قد تكون على بعد مئات الأميال.

أزمة اللاجئين من أبرز متغيرات العام 2015

يستند "تصنيف الدول الهشة" الذي يعده صندوق السلام منذ 12 عاماً إلى 12 مؤشراً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً لتحليل كيف أن الحروب وحركات السلام والكوارث البيئية والحركات السياسية يمكن أن تدفع بالبلاد إما نحو الاستقرار أو الانهيار. وقد حل اليمن في المرتبة الرابعة فيما جاءت سوريا في المرتبة السادسة.

وقالت "فورين بوليسي" إن الاضطرابات خلال العام الماضي تصاعدت من سوريا إلى نيجيريا متجاوزة الحدود إلى الخارج فيما وصلت تداعياتها غير المتوقعة أحياناً إلى بعد مئات الأميال من مصدرها.

ولم يحمل التقرير مفاجآت كثيرة لجهة البلدان الأكثر هشاشة في العالم حيث حلت الدول التالية في المراكز العشرة الأولى: الصومال، جنوب السودان، جمهورية أفريقيا الوسطى، السودان، اليمن، سوريا، تشاد، الكونغو، أفغانستان، هاييتي.

وبحسب الصحيفة فإن العام 2015 لم يحمل الكثير من المفاجآت من حيث البلدان الأكثر هشاشة. لكن العالم أدرك خلال 2015 أن الحرب الأهلية في سوريا التي لا تزال تؤرق الشرق الأوسط منذ 2011 لا يمكن احتواؤها ضمن حدود البلد مشيرة إلى أن تداعيات هذه الفوضى ضربت أوروبا من خلال أكثر من مليون لاجئ.

ويأخذ الفهرس بعين الاعتبارات المؤشرات التالية: الضغوط الديمغرافية، اللاجئون والنازحون داخل البلد، حقوق الانسان، الشكاوى الجماعية، الإنماء غير المتوازن، الفقر والتدهور الاقتصادي، مشروعية الدولة، الخدمات الاجتماعية، الهجرة، الأجهزة الأمنية، فصائل النخب، التدخل الخارجي.      

وبحسب التصنيف فإن سوريا واليمن وجنوب السودان تشاركوا المرتبة الأولى لجهة التدخل الخارجي، كذلك حلت سوريا والسودان وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى في المرتبة الأولى لجهة اللاجئين. 

المتغيرات

تتصدر الصومال الدول الأكثر هشاشة
التقرير رصد جملة من المتغيرات عددها على الشكل التالي:

ـ امتداد الأزمة السورية: خلال عام 2015 أدرك العالم أن الحرب السورية لا يمكن احتواؤها ضمن حدود البلد. حيث وصلت موجة اللاجئين الهاربين من الحرب إلى أوروبا مما أشعل ردة فعل عنيفة مناهضة للهجرة التي يمكن أن تهدد النظام السياسي في الاتحاد الأوروبي. وترزح الدول المجاورة لسوريا تحت ضغط ازمة اللاجئين من بينها تركيا التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين في العالم حيث ارتفع مؤشر فهر الدول الهشة المتعلق باللاجئين من 6 الى 8.8 بين عامي 2011 و2015. كذلك فإن لبنان والأردن يكافحان من أجل إدماج أكبر عدد من اللاجئين. يضاف إلى ذلك أن أزمة اللاجئين جعلت الدول تعتمد على المساعدات الخارجية التي تشجع البلدان على تجنب القرارات التي من شأنها دمج اللاجئين ضمن النسيج الاجتماعي.

 

ـ بريطانيا - مستقبل غير واضح ما بعد الخروج: إن قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يأتي في وقت يشعر فيه الكثيرون أن المشروع الأوروبي قد يكون على وشك الانهيار. في الوقت الذي تبدو غالبية الدول التي تشكل الاتحاد الأوروبي بالكاد هشة فإن الاتحاد الذي يواجه أزمات تبدأ من الركود الاقتصادي وصولاً إلى التدفق المفاجئ للمهاجرين، يبدو بحد ذاته عند نقطة تحول. وكثيرون اليوم يشعرون بالقلق من أن خيار بريطانيا بالخروج يدفع بالاتحاد إلى الحافة.

وبحسب تصنيف الدول الهشة فإن المملكة المتحدة لا تزال ثابتة بل إنها شهدت تحسناً طفيفاً مقارنة بالدول الأخرى متراجعة من المرتبة 161 العام الماضي الى المرتبة 162 هذا العام. لكن بريطانيا لم تكن بمأمن عن المشاكل التي تمر بها القارة. فقد ارتفع مؤشر الشكاوى الجماعية من 4.4 في 2011 إلى 5.9 في 2016. وبحسب التقرير فإن الأمر مرده بشكل رئيسي إلى ما يصفه البريطانيون المسلمون بالاسلاموفوبيا المتنامية.     

 

ـ تأجيج نار العنصرية ضد الأجانب في أوروبا الوسطى: في العام الماضي استنزفت أزمة المهاجرين المتواصلة المجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وبولندا المعروفة بمجموعة "فيسغراد". وأثارت معارضة هذه الدول لسياسة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تجاه اللاجئين كما رفضها لاستقبال لاجئين من سوريا وشمال أفريقيا ومناطق أخرى التساؤلات داخل الاتحاد الأوروبي وفي أوساط منظمات حقوق الانسان حول الشفافية الديمقراطية والاساءة للحريات المدنية.

لكن ما هو أبعد من أزمة اللاجئين فإن مشاكل المجر في هذه المناطق تبدو أكثر سوءاً. ففي كانون الثاني/ يناير أشار تقرير في "ايكونوميست" إلى نية رئيس الوزراء فيكتور أوربن وضع قوانين لمكافحة الإرهاب من شأنها فقط كبح الحريات المدنية. حتى إن حزبه قام بتحديد صلاحيات المحكمة الدستورية ووظف فيها موالين له من أجل تمرير أجندته الخاصة.

 

ـ سريلانكا – الابتعاد عن شبح الحرب: بدأ العام 2015 في سريلانكا بانتخابات رئاسية للاختيار بين اعادة انتخاب ماهيندا راجاباكسا الذي وضع حداً لستة وعشرين عاماً من الحرب الاهلية الدموية في 2009 أو انتخاب مايثريبالا سيريسينا الذي وعد بتحويل سريلانكا من نظام شبه استبدادي إلى نظام ديمقراطي. وجاء انتصار سيريسينا المفاجئ وخطواته المتواضعة لكن الهامة باتجاه التئام جروج الحرب لكي ينقل سريلانكا من المرتبة 34 إلى 43 وفق تصنيف 2016 للدول الهشة. ولكن بالرغم من التحول اللافت في تصنيف هذا العام فإن سريلانكا لا تزال ضمن الفئة المهددة لا سيما في ظل المؤشرات المرتبطة بالشكاوى الجماعية وحقوق الانسان.  

 

ـ نيجيريا - صراع عابر للحدود: عام 2015 شهد تحول المشاكل الأمنية في نيجيريا إلى مشاكل إقليمية. التحالف العسكري بين نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر وبنين تمكن من استعادة السيطرة على غالبية الاراضي التي احتلتها جماعة بوكو حرام مما أدى الى تراجع دراماتيكي في العنف في النصف الثاني من العام. لكن في ظل مقتل 6 آلاف مدني على يد الجماعة التي بايعت داعش فإن العام الماضي كان الأكثر دموية منذ 2009.  
وما يثير القلق أكثر هو انزلاق التمرد باتجاه الدول المجاورة مثل الكاميرون والنيجر وتشاد التي شهدت هجمات عبر الحدود.