"هآرتس": هدية مسمومة!

لقد مرت 3 سنوات منذ انتخاب ترامب للرئاسة والإعلان عن "صفقة القرن" كحلٍ يضع نهاية للنزاع القديم، لكن المنطقة لم تتقدم ولو خطوة واحدة باتجاه المصالحة. وكل ما تبقى من التصريحات الغبية هو هدايا مسمومة يمنحها ترامب لتابعه نتنياهو، والتي تخدمه انتخابياً وتقوي معسكر اليمين. 

التصريحات الغبية هي هدايا مسمومة يمنحها ترامب لتابعه نتنياهو

يجب ألا يتم في إسرائيل الاحتفال بتغيير السياسة الأميركية حيال المكانة القانونية للمستوطنات. فإذا كانت هذه هدية، فهي لا بد أنها هدية مسمومة. فالسماح الأميركي الرسمي للاستيطان في المناطق المحتلة ليس فقط لا يسهم في مناعة ومكانة إسرائيل بل من شأنه أن يدفعها إلى وضع غير قابل للعكس كدولة عنصرية (أبرتهايد).

ويبدو أنه يمكن إجمال إستراتيجية ترامب حيال النزاع على النحو التالي: إذا ما كانت الإدارات السابقة قد حاولت على مدى سنوات إحلال السلام دون نجاح، فإننا سنأخذ المبادئ التي وجهت من سبقنا ونفعل العكس تماماً. فبعد أن "أبعدوا عن طاولة المفاوضات" قضايا جوهرية مثل وضع القدس وقضية اللاجئيين، وذلك عن طريق الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وتوجيه ضربة إلى الأونروا، فإن إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هو محاولة فجّة لإلغاء المنطلق الذي شكل الأساس للنهج التقليدي الأميركي حيال النزاع والقائل إن السلام يتطلب إخلاء مستوطنات.

لقد مرت ثلاث سنوات منذ انتخاب ترامب للرئاسة والإعلان عن "صفقة القرن" كحل يضع نهاية للنزاع القديم، لكن المنطقة لم تتقدم ولو خطوة واحدة باتجاه المصالحة. وكل ما تبقى من التصريحات الغبية هو هدايا مسمومة يمنحها ترامب لتابعه نتنياهو، والتي تخدمه انتخابياً وتقوي معسكر اليمين.   

وبالفعل فإن نتنياهو لم يستطع أن يضبط نفسه وشكر الأميركيين، الذين رفضوا في تصريحهم "بشكل واضح الإدعاء الكاذب، الذي يقول إن المستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) تتناقض في أساسها مع القانون الدولي". ومن يكذب بطبيعة الحال هو نتنياهو الذي يعرف جيداً أنه على الرغم من تصريحات الأميركيين فإنه ليس في وسعهم إضفاء الشرعية عليها. فالمستوطنات بُنيت على أرض محتلة خلافاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. والأخطر من هذا هو أن من شأن التصريح الأميركي أن يمنح دفعة قوية لمشروع الضم الذي يتبناه اليمين. وربما يدرك نتنياهو التداعيات المدمرة لخطوة كهذه، ولكن منذ فترة طويلة لم تعد الدولة ومستقبلها هي مركز اهتمامه بل مستقبله الشخصي فقط.

وما يثير الغضب أكثر من ذلك هو رد رئيس حزب "كاحول لافان"، بيني غانتس، الذي توجه بالشكر للإدارة الأميركية على تصريحها. وبدلاً من أن يظهر بمظهر الساعي للسلام على قاعدة تقسيم البلاد، من خلال الإدراك أن هذا هو الحل الوحيد الممكن الذي يقر بالتطلعات القومية للشعبين وبحقهما في تقرير المصير، فإن غانتس يظهر كنسخة باهتة لنتنياهو في كل ما يتعلق بآرائه السياسية. وإذا ما كان بالفعل يريد أن يشكل بديلاً لنتنياهو فإن عليه أن يستوعب حقيقة أنه إلى جانب تفكك النسيج الاجتماعي والغرق في ثقافة الفساد، فالخطر الأكبر الذي يخيم على إسرائيل هو التدهور إلى وضع تضطر فيه الاختيار بين أن تكون دولة عنصرية أو دولة ثنائية القومية، إذ أن كل واحد من هذين الخيارين يعني نهاية الحلم الصهيوني.

 

ترجمة: مرعي حطيني