"معاريف": الوُجهة: تصعيد

صحيفة معاريف الإسرائيلية تقول إن "مسيرة الأعلام" قد تكون الزناد الذي يمكن أن يؤدي إلى تصعيدٍ سريع مع غزة، لكنها بالتأكيد ليست العامل الوحيد.

  • فلسطينيون يعدون بالونات حارقة شرق غزة 15 حزيران/ يونيو 2021 (أ ف ب).
    فلسطينيون يعدون بالونات حارقة شرق غزة 15 حزيران/ يونيو 2021 (أ ف ب).

قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن عملية "سيف القدس" انتهت دون أن تثمر إنجازاً سياسياً جلياً يترجم الإنجازات التي تحققت ظاهرياً على الأرض. فيما يلي ترجمة المقال كاملاً:

قد تكون "مسيرة الأعلام" في القدس الزناد والصاعق الذي يمكن أن يؤدي إلى تصعيدٍ سريع مع غزة، لكنها بالتأكيد ليست العامل الوحيد. 

حتى لو واصلوا تسويق عملية "حارس الأسوار" على أنها ناجحة جداً وحققت إنجازاتٍ غير عادية على المستوى التكتيكي، لكن لا يمكن اعتبارها كذلك على المستوى الاستراتيجي، إلا إذا انتهت بإنجازٍ سياسي جلي لـ "إسرائيل". 

في الواقع، حتى من دون "مسيرة الأعلام"، الوُجهة هي تصعيد إضافي أكثر بكثير من كونها إلى ترتيبات. مرّ ما يقرب من شهر منذ العملية، وإنجازٌ كهذا لم يظهر في الأفق. 

الحقيقة هي انه أمس (الثلاثاء) أيضاً انشغلنا بتوسّع في استئناف إرهاب البالونات والنيران في غلاف غزة، وبمسألة ما إذا كانت "حماس" ستنفّذ أو لا تنفّذ قصفاً من القطاع، ونشرٌ واسع لقبب حديدية، وإجراء تغييرات على حركة الطائرات للهبوط في مطار بن غوريون لاعتباراتٍ عملانية.

كل هذه المسائل فيها ما يدل على المشكلة: العملية انتهت دون أن تثمر إنجازاً سياسياً جلياً يترجم الإنجازات التي تحققت ظاهرياً على الأرض. 

ولم تكن العملية جولة قتال إضافية عادية. الجيش الإسرائيلي فعّل فيها قدرات وخطط احتفظ بها ليوم الأمر، أيضاً لمعركة أوسع بكثير مع حماس، ضمن مهمة الوصول إلى حسم وانتصار وليس فقط ردع وضرب قدرات. مسألة الردع ضد منظمة متطرفة مثل حماس، المستعدة لأخذ سكان القطاع كرهائن لتطبيق استراتيجيتها ومعتقداتها الدينية والوطنية، هي مسألة معقدة جدًا لتحليلٍ استخباري. 

صحيح أن ضرب قدراتها في هذه العملية كان أكثر أهمية مما كان في جولات تصعيدٍ سابقة، لكن لا تزال هناك علامات استفهام، خصوصاً في كل ما يتعلق بالتشكيلات الصاروخية للمنظمات الإرهابية في القطاع. بعد العملية حددت "إسرائيل" سقفاً كشرط لترتيبات أعلى بكثير مما كان في عملياتٍ سابقة: حل مسألة الأسرى والمفقودين كشرطٍ لإعادة إعمار (قطاع) غزة، فيما المعابر إلى القطاع تعمل بصورة مقلّصة، وتغيير آلية نقل أموال المساعدات إلى القطاع من قطر ومن المجتمع الدولي بحيث تمر عبر السلطة الفلسطينية وبإشرافٍ دولي، وإعلان "إسرائيل" بأن استئناف الإرهاب من القطاع سيُرد عليه بردودٍ عسكرية أشد بكثير من جانبها. 

ما كان لن يكون، وعد رئيس الأركان أفيف كوخافي في ختام العملية، ومن المتوقع أن تكون هذه التصريحات موضع اختبار في الفترة القريبة، فيما من الواضح أن احتمال وقوع تصعيدٍ مهم أعلى بكثير من احتمال نجاح المصريين أو وسيطٍ آخر في الوصول إلى وقفٍ طويل الأمد للنار. ليس مستبعداً أنه لغاية التوصل إلى تفاهمات من هذا النوع بين "إسرائيل" وحماس، ستندلع جولات تصعيد بأحجامٍ مختلفة. 

"الحرب ليست سوى استمرار للسياسة، لكن بوسائل أخرى"، كتب كارل فون كلاوزفيتز قبل حوالى 200 سنة.

في صورة مرآة معاكسة، الحرب من المفترض ان تؤدي إلى نتائج سياسية. هذا التحدّي الأول والأهم الماثل الآن على عتبة رئيس الحكومة نفتالي بينيت، لكن في الطريق إليه هناك احتمالية غير صغيرة لتدهورٍ إلى مواجهة إضافية، قبل أن يكون بالإمكان تزخيم إنجازٍ سياسي. 

كلاوزفيتز، التي يدرس كتاباته لغاية اليوم ضباط الجيش الإسرائيلي في التأهيلات المختلفة، قال جملة إضافية مثيرة للاهتمام: "ولا أي إنسان، أو لمزيد الدقة أي إنسان يتصرف بصورة منطقية، لن يشن حرباً من دون أن يوضح لنفسه أولًا كل ما ينوي تحقيقه بواسطتها وكيف يرى إدارتها". 

"إسرائيل" لم تبادر إلى المعركة الأخيرة في غزة، لكن في خضم جولة محدودة، ضمن تحديد تحقيق ردعٍ وضرب قدرات، أخرجت إلى حيز التنفيذ فكرة عملانية وخططًا وخديعة خُططت لصالح عملية بحجمٍ مختلفٍ كليًا، تحت عقيدة حسم. 

الصحيح إلى الآن على الأقل، الإنجازات العملانية التي ينسبها الجيش الإسرائيلي للعملية الأخيرة لا تُترجم لغاية الآن بإنجازٍ سياسي، ولعل هذه الفجوة هي النقطة المركزية في تحقيقات الجيش الإسرائيلي التي تُجرى في هذه الأيام، استعداداً لجولة إضافية، وباحتمالية مرتفعة يمكن أن تأتي قريباً.