الاقتصاد الفلسطيني: 2 مليون شخص على وشك الانفجار

سُجل في الأسبوع الماضي انفراج طفيف في أزمة الكهرباء في قطاع غزة. فقد كان السكان في القطاع مضطرين للاكتفاء بأربع ساعات من الكهرباء خلال 24 ساعة. أما اليوم فهم يحصلون عليها بالتناوب ثماني ساعات بثماني ساعات. وبالنسبة للناس المرتاحين فإنهم يمتلكون المولدات، إلا أن الغالبية تنتظر ساعات طويلة من أجل الاستحمام (لأن تزويد المياه مرتبط بالمضخات التي تعمل على الكهرباء) والغسيل والقراءة ليلاً والتدفئة المنزلية وشحن الهواتف والكومبيوترات المحمولة والعمل في الورش. باختصار: من أجل ممارسة حياتهم. وقد سُجل هذا الانفراج بفضل الأموال التي قدمتها كل من تركيا وقطر، إلا أنه لا يوجد ما يضمن استمرار ذلك لفترة طويلة من الزمن.

يبحثون عن المسؤول

شركة كهرباء قطاع غزة تزود الأهالي بثماني ساعات يومياً بدلاً من 4
الكهرباء هي مجرد جزء صغير من قصة البنية التحتية المنهارة في (قطاع) غزة. فغالبية المياه ملوثة، كما أن مياه الصرف الصحي تسيل في الشوراع، والقطاع الصحي مُعدَم، والاتصالات مشلولة وبالكاد تعمل بسبب نقص الترددات، والإنتاج محدود ونسبة البطالة هي الأعلى في العالم، ولا يوجد تصدير تقريباً، كما أن الاقتصاد قائم عملياً على التبرعات.

 

من هو المسؤول عن كل هذا؟ من الذي يسيطر على الاقتصاد، وعلى الخدمات، وعلى حياة 2 مليون شخص في غزة؟ منظمة "مَسْلك" (غيشا) التي تهتم بحرية تنقل السكان الفلسطينيين، تحاول الرد على هذا السؤال عن طريق مجموعة من الوثائق التي نشرتها.

 

العامل الأول الذي يخطر على البال هو حماس. إذ توجد لحكومة حماس وزارات من المفترض أنها هي التي تقوم بمعالجة الأمور في مختلف قطاعات الحياة. إلا أن إسرائيل والكثير من دول العالم ترى في حماس حركة إرهابية وتقوم بمقاطعتها، الأمر الذي يجعل من الصعب على حكومة غزة العمل بصورة طبيعية. كما أن حقيقة أن عناصر حماس مشغولون في بناء الأنفاق وتطوير وسائل الصراع مع إسرائيل لا تساعد في ذلك.

 

العامل الثاني هو السلطة الفلسطينية (بزعامة حركة فتح) التي تسيطر على الضفة الغربية، وحكومتها في رام اللله. فالسلطة الفلسطينية هي التي تقدم الخدمات في مختلف القطاعات الخدمية الحكومية في قطاع غزة أيضاً وفي مقدمتها التعليم والصحة. وهذا هو عبء مالي ضخم على حكومة رام الله، لكن النفقات المالية في هذه الحالة لا تمنح حكومة رام الله السيطرة على غزة.

 

كما أن هناك سلسلة من المنظمات الدولية التي تقدم الخدمات العامة في غزة، وفي مقدمتها الأمم المتحدة. ولا يوجد لمثل هذه المنظمات أية طموحات للسيطرة على القطاع.

عالقون بين مصر وإسرائيل

الإسمنت المصري يدخل قطاع غزة
وهناك بطبيعة الحال الحكومة الإسرائيلية التي تتجسد سيطرتها في حقيقة أنه ليس بوسع أحد الخروج أو الدخول، من وإلى القطاع، بدون موافقتها. وهذا ينطبق على الأشخاص وعلى البضائع. والسيطرة على حدود قطاع غزة في البر والبحر والجو تجعل من إسرائيل، إلى درجة كبيرة، شريكة في المسؤولية على ما يحصل هناك. ويوجد مخرج واحد، هو معبر رفح، وهو تحت السيطرة المصرية. إلا أن هذا المعبر يقتصر على دخول وخروج الأشخاص، ويعمل لأيام قليلة في الشهر. ويبدو، للوهلة الأولى، أن بوسع مصر وحماس الاتفاق في ما بينهما على حركة حرة في معبر رفح، إلا أن إسرائيل تعارض ذلك، كما أن المصريين غير متحمسين له، وهو أقل ما يقال. إذ توجد لهم حساباتهم مع حماس.

 

والنتيجة هي أن قطاع غزة، وهو المنطقة الأكثر اكتظاظاً في العالم، يخضع لحصار متواصل، ولضائقة آخذة بالتفاقم. والتحسن في إمدادات الكهرباء يخفف من المعاناة إلا أن الوضع يبقى، باختصار، غير محتمل.


ترجمة: مرعي حطيني